لست بحاجة للبحث عن تعريف للبركة (أتفلسف) به عليكم.. و(أتوه) به معكم قبل هذه الجولة السريعة التي أبحث من خلالها عن طريق السلامة من أخطار كثر ضحاياها وما زالت تتربص بنا.. البركة ـ ببساطة ـ ذلك الأثر الإيجابي الذي يتمخض عن الفعل أو العمل.. وكلما زاد ذلك الأثر واتسع وانتشر؛ كلما زادت البركة. أشعر اليوم بالسعادة وأنا أحدثكم عن ذلك الدور الهام في مجال السلامة والذي تلعبه هذه الشركة الرائدة (أرامكو السعودية). وما دمنا نتحدث عن السلامة فاسمحوا لي أن أذكركم برط حزام الأمان.. أعرف أنه (انفرط) من زمان.. ولم تفلح الحملات الوقتية لعقاب من لا يلتزمون بربطه وكذلك أساليب (التوعية الناعمة) في تحقيق الاستجابة المطلوبة رغم وضوح المصلحة المترتبة على تطبيق الالتزام به.. ربما لأن الرسائل الموجهة للناس كانت من تلك التي (أكل عليها الدهر وشرب). في أرامكو السعودية ـ وضعوا تحت السعودية خطوطاً كثيرة ـ في هذه الشركة القديمة ما برحوا يستخدمون كل الوسائل الكفيلة بتحقيق السلامة ونشرها وتأصيلها كثقافة في محيط من ينتمون لهذه الشركة ومن يعولونهم.. نعم.. إن سلامة الموظف وأسرته داخل وخارج العمل والمنشأة هي من أولويات اهتمامات شركة أرامكو السعودية، ولذلك تصرف الشركة أموالاً كثيرة لتأمينها. الشيء الملفت في الأمر والذي يؤكد حرص الشركة على تحقيق أهدافها في مجال السلامة هو برنامج (near-Miss) الذي أنشئ على موقع الشركة على الإنترنت والذي يتيح للموظف الدخول والإبلاغ عن أي مصدر للخطر شاهده أو يتنبأ بحدوثه وبالتالي العمل على معالجة أسبابه إما بإزالته إن كان خطراً قائماً.. أو التحذير والتوعية بأضراره أو استحداث أي إجراء لتجنب حدوثه إن كان سلوكاً ظاهراً. ومن باب تشجيع موظفي الشركة قامت (دائرة إنتاج الطاقة) في هذه الشركة العملاقة برصد جوائز مالية وعينية رمزية لبث روح المنافسة في هذا المضمار الحيوي الهام فخصصت مبلغاً مقطوعاً للموظف الفائز بالمركز الأول بما يعادل 250 دولارا والثاني بما يعادل 150 دولارا والثالث 100 دولار، وذلك خلال كل أسبوع، ويتم الاختيار والتقييم على حسب الأهمية من قبل موظفين مختصين في هذا المجال. ولك أن تتخيل عزيزي المواطن والمقييم أثر هذه الخطوة المباركة ذات التكلفة القليلة على رفع درجة أهمية السلامة واستشعارها دوماً في كل خطوة خلال مسيرة الإنسان في الحياة.. وكذلك دورها الفاعل في بناء التوجهات الإيجابية باعتبارها محصلة السلوك المتكرر المدرك للمصلحة المترتبة عليه.. وهنا مربط الفرس الذي ما زال (جامحاً).. نعم.. المصلحة هي الهدف النهائي من وراء العمل.. وتحديدها بكل أبعادها والأطراف المستفيدين منها.. ووضع معايير قياسها.. كل ذلك سيؤدي إلى تحقيقها على أكمل وجه. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا تسعى أرامكو السعودية إلى تحقيق هذه المصالح على مستوى العمل بل وتساهم بشكل فاعل في المسؤولية الاجتماعية فيما تتعثر مصالح الناس في (المصالح الحكومية).. ونرى تقصيراً كبيراً حتى في تلك التي يعد الجانب الاجتماعي هو العمل الأساسي لها؟ وبهذا التساؤل الذي لا يصعب على أحد الإجابة عليه أصل إلى نهاية هذه الجولة السريعة.. وقبل أن أودعكم أحب أن أشكر الأستاذ خالد الغماس مسؤول السلامة في الشركة على المعلومات التي زودني بها وتجاوبه السريع وإحساسه الجميل بأهمية ما يقدمه من عمل في هذا المجال الهام .