حين يعلن اليوم العاهل البحريني الملك حمد بن خليفة عن افتتاح دورة كأس الخليج العربي الحادية والعشرين، تكون قد قربت من إتمام اثنين وأربعين عاماً على بدئها، إذ انطلقت أول مرة في السابع والعشرين من مارس سنة 1970م أيضا في أرض حضارة دلمون الممتد تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام البحرين الدانة الخليجية وأرض الطيب والمحبة والسلام، وأيضا تكون المرة الرابعة التي تستضيف فيها هذه الدورة حيث كانت الثانية سنة 1986م والثالثة سنة 1998م وكل ذلك ومنتخبها الكروي لم يحصل على كأس هذه الدورة التي ظلت ممانعة عصية دون مسوغا فني أو عناصري فارق، وكانت الوصافة لثلاث مرات هي أفضل نتائجه سنة 1970م و1982م و1992م لكن هل ذلك مهم وإلى أي درجة. منافسات كأس دورة الخليج داخل أرض الملعب عملية فنية صعبة ومعقدة أحياناً تتجاوب مع بعض الإجراءات الإدارية والفنية البسيطة، لكنها ليست دائماً كذلك إذا أردت أن تحسبها بمقياس القوة ستجد أنك أمام مالايقل عن أربعة منتخبات تنافس بجدية تتشابه في القيمة الفنية والعناصرية والتاريخية أعدت على درجة حسنة وتملك جهازين فني وإداري يعرف كيف يتعامل مع مباريات هذه البطولة، ووجود أربعة فرق لا يعني أن الأربعة الأخرى أو اثنان منها على الأقل لا يمكنه إحداث المفاجأة، أما الإجراءات الإدارية والفنية البسيطة التي قلنا إنها يمكن أن تكون الوجه الثاني في عملية التنافس على إحراز هذه الكأس فهي تلك التي لا تكون محسوبة حتى لمن قاموا بها، وعادة هي حالة تتنامى بفعل نتيجة إيجابية أول مباراة ثم استثمار لنتائج الفرق الأخرى حتى يجد نفسه في منعطفات التنافس الحقيقي، كل ذلك دون أن يسلم منافسوه له بأنه يمكن أن يفعل شيئاً لكنه يفعل في النهاية. تحضيرات دورات الخليج هي مقدمات ليس بالضرورة أن يكون لها نفس النتائج، إذ لا تنتهي المنافسات بترتيب منطقي مع طبيعة أو نوعية التحضيرات أو حتى كفاءة المدير الفني أو وفرة النجوم من ذلك فإن القول مثلا إن المنتخبين السعودي والكويتي سيخسران لعدم أدائهما مباريات تجريبية لا تدعمه نتائج سابقة لهما أو غيرهما من فرق قدمت لهذه البطولة بتحضيرات ضعيفة وانتهت بتحقيق الكأس أو مراكز متقدمة، ومنذ أول دورة كان الاهتمام بإعداد المنتخب السعودي لا ينقطع دورة تلو الأخرى، لكنه كان يفشل كل مرة في تحقيق كأسها بالرغم من أن هذه التحضيرات تدعمها عناصر ونجوم وتتابع في الإشراف على الجهاز التدريبي أسماء كبيرة متعددة الأساليب والمدارس ولم يتغير الحال، حتى كانت الدورة الثانية عشرة 1994م في أبو ظبي أي بعد مرور 24 عاماً من الظمأ لكأس البطولة. على السعوديين ألا ينسوا ولو للحظة كل ما مرت هذه الدورة المدرب محمد الخراشي وجيشه الأخضر بقيادة جنراله فؤاد أنور، فهؤلاء وحدهم حققوا ما عجز عنه غيرهم من أجيال كروية تعاقبت وتوالى فشلها رغم الهالة والتمجيد الذي يحظون به إلى يومنا هذا بالرغم من فشلهم الذريع في تحقيق شيء في هذه المنافسات، فيما يتم تناسي أو تعمد إخفاء من كسروا الحاجز وحققوا أمانٍ بدت يوما (ما) وكأنها مستحيلة.