كانت البحرين مبتهجة فرحة أكثر من أي مرة وهي تحتضن العرس الخليجي الكروي بحفاوة بالغة تمثلت في عرض افتتاحي خلى من المبالغة لكنه لم يكن بسيطاً. وتوج الملك حمد بن خليفة المناسبة برعايته وإعلانه عن افتتاح الدورة وإلى يمينه ويساره وخلفه جمع من الأمراء والشيوخ وقادة اتحادات وشخصيات مرموقة، كل هؤلاء كانوا يدعمون بشكل مباشر البحرين وشباب الخليج في تظاهراتهم الممتدة في أعماقهم عقود من الزمن كانت فيها هذه الدورة تمثل لهم الشيء الكبير جيلاً بعد جيل، حتى وهي لاتسلم في بعض من دوراتها من الخروج عن النص أو حتى ما هو أسوأ من ذلك، وتاريخها يحفظ ويحتفظ بمواقف وأقوال وردود أفعال، ولابد أن يكشف الستار يوماً عن أشياء من هذه حتى يمكن معرفة أن ما صار كان نتيجة لمقدمات، وأن هناك حتى من يعتقد أنهم ضمانة لعبوا أدواراً غير نزيهة كادت أن تعصف بهذه الكأس قبل حتى أن تبلغ سن الرشد، أما الآن ورغم ظهور بعض ممن يتطاولون على هذه الكأس فإن ذلك لايلقى صدى وقد أصبحت الكأس ضاربة في الأعماق، ومن يثيرون حولها هذه الزوابع صغار جداً إلى درجة أن لاقيمة أو تأثير حقيقي يمكن لهم فعله على الأرض. لكن ذلك لايعفي القيادات الخليجية من دراسة الأفكار والملاحظات التي تسجل عقب انتهاء كل دورة بشكل جاد، ولابأس بالتالي من الأخذ ببعضها خاصة الأفكار التي تهتم بضبط مواعيد إقامة الكأس ومكان إقامتها بعد أن أطلت بعض المشكلات التي تمنع انسيابية وتوالي التنظيم من بلد إلى آخر اعتماداً على ماكانت عليه من الأولى حتى السابعة، والاهتمام بمراعاة الوقت الذي يفترض أن يكون مثالياً لغالبية المنتخبات إذا تعذرت مناسبتها للكل والأخذ ببعض المطالبات التي تهتم بتوطين أو(خلجنة) بعض عناصر المنافسة كالمدربين أو الحكام أو المنظمين وخلافه واختصار الزمن وكلفة الدورة وتجريب العمل ببعض الأفكار المطروحة التي تهدف إلى أن تكون منافسات الدورة أكثر إثارة وقوة وعدالة، هذه الأفكار والملاحظات وحين العودة إليها ومراجعتها مع أصحابها من خلال ورش عمل وحلقات نقاش لابد أن تغرز أفكاراً أكثر نضجاً وقرباً للواقع، فيما ستظهر مدى وجاهة الملاحظات. عاشت دورات الخليج محطات (فنية) و(تنافسية) و(جماهيرية) و(إعلامية) كل واحدة منها سجلت في حينها بصمتها على وجه هذه الكأس، ولم يكن ليسمح إلا أن يبقى بعض أو شيء من ذلك على وجه الكأس، فكانت إثارته الفنية من خلال ما حدث من تغير وتغيير شبه كلي على الحالة الفنية للفرق والعناصر، فيما تراوح التنافس بين قوي إلى صاخب أو حتى ممل وفارغ في محطات، ولعبت بعض مؤشرات على مستوى الحضور الجماهيري وقدرته على التأثير، وهذه المؤشرات ما بين اقتصادية وسياسية أو حتى اجتماعية، لكن الإعلام هو الوجه الرابع للكأس، فإن محطاته سايرت التغيير التقني وكل ما جلبته ثورة الاتصالات، لكن ذلك كله كان يتم الاستعانة به لفعل نفس الشيء الذي كان يتم فعله أول مرة، إذ ظل التسخين والصخب خارج الميدان سيد الموقف وحبك القصص وتفخيخ العبارات ذاته، واستخدام الإعلام بقدر كبير من الإصرار على التأثير في الأحداث وصنعها إلى حتى فرضها بالإكراه. الأمور الفنية والتنافسية والجماهيرية والإعلامية عوامل يتركز عليها التنافس الرياضي في كل أحواله، لذا فهو أيضاً يصاب بالخلل حين لايعمل أحد هذه العناصر بشكل سليم، ولعل ما يتوجب فعله في ذلك هو تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة أو المرتبكة عند هذه الأطراف حتى يمكن لها أن تحصل على فرصة العمل في إطارها ودون تدخل أو تداخل الأطراف الأخرى التي كان يجب أن تلعب دور التعامل، هناك مسؤولية تقع على طرف أن يصحح أوضاعه ذاتياً، فلايجب أن نترك لكل أحد أن يحدد إذا ما كان المستوى الفني على نحو جيد دون أن يكون صاحب علاقة، كذلك الذي نترك له الحكم على سلامة التنافس أو الموقف من الحالة الجماهيرية أو ما تقدمه وسائل الإعلام، يمكن لكل جهة أن تتأكد مما تقدمه ثم تعمل على إيجاد قنظرة التواصل والتكامل لتتحقق منظومة العمل هذه نجاحاً متوالياً وربما متصاعداً لدورات كأس الخليج العربي.