|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
الشكلية.. غياب للوطنية
2013-03-29

صاحبي يلومني.. يقول: ما لي أراك تتقهقر عن الصفوف الأولى؟.. وهو بكل تأكيد لا يقصد تأخري عن الصلاة في المسجد وفوات أجر التبكير والصف الأول؛ فما أقل الساعين إلى ذلك.. يقول: الناس اليوم تبحث عن الظهور في المناسبات الكبيرة.. حيث (الفلاشات) وكبار الشخصيات.. يبنون علاقاتهم مع المؤثرين المحركين للمصالح.. هذا ما يراه وراح يؤكده -بدهاء- قائلاً: أفق يا رجل ودعك من هذا الانزواء والتواضع.. قم وعرف بنفسك وتقدم قلت: ومن أين الطريق أيها الصديق؟.. قال: من باب مكتب المدير.. وأردف: هناك يجتمع القوم.. يهشون ويبشون.. ويستمعون ويؤيدون.. وفي النهاية يحصلون على ما يريدون.. قلت: دعهم يا صاحبي يفعلون ما يشاؤون.. فصاحبك ليس مفتوناً بهذا الظهور المذل.. ألا تراهم كيف ينتفضون كلما جاء مسؤول كبير؟.. إنه زمن الشكليات والاحتفاليات والادعاءات، والدليل هذا التعثر الخطير في مجالات التنمية.. لقد تفرغ القوم لتحقيق مصالحهم الشخصية حين غابت (المعايير المهنية) لقياس (الإنتاجية).. ربما سمعت بها (عرضاً) في خطاب دعائي تستعرض فيه الإنجازات أرقاماً بلا (هوية).. أو لعلك قرأتها في مدخل بعض الجهات الحكومية.. وإلى أن يُقدر (المخلصون) الذين يدركون عظم أمر (المسؤولية) ويعملون من أجل المصلحة العامة وليس مصالحهم الشخصية.. إلى أن يتم (توطين) هؤلاء في الوظائف القيادية.. آمل أن تبلغ سلامي ودعواتي الصادقة بـ(تقاعد) عاجل يريح (العباد) و(البلاد) من مدعي الخبرة.. أولئك الذين ما برحوا يقدمون أعمالاً غارقة في (الشكلية) والدليل أنها تتمخص في الغالب عن لوحات حائطية لـ (الرؤية) و(الرسالة) تنادي بالاهتمام بـ(الجودة) التي ستظل غائبة ومعها رفيقتها (الإنتاجية).. والحل حددوا (المعايير المهنية).. قيموا العاملين على أساسها لتدربوهم.. وتكافئوهم.. وتحاسبوهم.. هنا ستظهر (الوطنية).. هذا كلام (مكرور) قلته سابقاً وسأظل أردده حتى لو لم يسمعني أحد وماتت (حبالي الصوتية).. لأنني ببساطة شديدة ما زلت أتلقى -في مدرسة أمي- دروساً في (التربية الوطنية).. أرضعتنيها قبل أن يقرروا لها (كتاباً) يؤكد حاجتنا إليها.. نعم.. إن ما نعانيه اليوم من تفريط في تحمل المسؤولية وإخلال بالمثل والقيم المهنية والأخلاقية رغم تحسن الأوضاع الاقتصادية إنما يعبر عن حالة غياب للمواطنة. (المواطنة) التي سنظل نبحث عنها تُسقى من معين المساواة، فتكفل للفرد حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية. وفي ظلال المساواة الوارفة ستنجلي غمائم الفساد المشبعة بالأنانية والمحسوبية، وسنحقق التنمية الحقيقية التي تليق بنا كأمة لديها كل مقومات النجاح والتفوق.