تأتي إلى هذه الدنيا محملا بالقيم والأخلاق ومبادئ تحدد الأمانة وحسن التعامل والوضوح وتحسب أن العالم يسير على نفس الطريقة والأسلوب والقيم والمفاهيم .لكن ما أن تتقدم في السن وتخوض التجارب تلو التجارب إلا وتجد في هذا العالم الكثير من الوجوه الملونة الحرباوية والأساليب التي تعجب من حدوثها وأن الكلام اللين والابتسامة والبساطة خلفها وجه بشع مخادع لئيم يبحث عن مصلحته دون النظر لأية إعتبارات أخرى . وهنا تتوالى الصدمات والتجارب والمواقف التي تخسر فيها خسارة بعد خسارة وتجد أن طيبتك وصفاءك وحسن ظنك بالناس جعلك أسير الضحكات ومحل السخرية فأنت هنا ساذج وطيب ودلخ ولن يشفع لك عند هؤلاء لا طيبتك ولا نقاؤك ولا طهارتك .وطبيعي أن تختلف لديك المفاهيم فالعالم يهاب الكذابين والمخادعين ويسميهم الأقوياء بمعادلات أهل السياسة الذين حفظوا كتاب مكيافيلي وطبقوه في حياتهم بعيدا عن القيم والمبادئ والتعامل الحسن.قلت لصديقي وهو في قمة مرارته المشكلة أنك تقيس الأمور على مقياسك فقد يكونون في مثل طيبتك لكن سوداويتك وتشاؤمك تجعلك لا ترى إلا بمنظارك وتتوقع أن الكل ضدك بينما الخطأ والقصور والعيب فيك .وأنت لم تحاول أن تغير منهجك وتقترب من هؤلاء الناس وتلامس جوانب الخير والصدق في دواخلهم وجعلت سوداويتك وظنونك هي التي تخلق عندك هذه الأجواء المتشائمة .صدقني هناك خير في الناس ولكن إذا كنت موصوفا بالطيبة أخلق هذه الأجواء عند الآخرين وكما قال الله عز وجل( أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ومايلقاها إلا الذين صبروا ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم ) فتفسيرها عظيم في القرآن بمعنى أن تكون متسامحا صبورا على الأذى وهو أمر لن يأتي إلا بمجاهدة النفس الأمارة بالسوء وعند ذلك سينالك بإذن الله الحظ العظيم.قال لكن ما أراه عكس ماتقول فهؤلاء يواصلون الإساءة ومع ذلك هم في وضع مريح من جميع النواحي .قلت هذا ليس سببا مقنعا والله يمهل ولا يهمل وإذا كنت تعيش على مبادئ طيبة فاستمر عليها لأنها هي الأساس والله كفيل بك ومن يتوكل على الله فهو حسبه .