رحمك الله يانايف بن عبدالعزيز الإنسان الحصيف الحكيم صاحب القلب الكبير والعطاء العظيم، فقد خدمت دينك ووطنك ومواطنيك نحسبك كذلك ولانزكي على الله أحدا.وهاهو الزمن يدور ونقترب بعد أيام من مرور سنة على وفاتك في يوم بكتك الأرامل والضعفاء والمساكين إضافة إلى من عرف نبلك وإنسانيتك ومواقفك العادلة مع الجميع حتى عمقت حبك في القلوب فكان يوم وفاتك يوما محزنا لأهل الدين والصدق وأهل السنة مفرحا لأهل البدعة والتحلل والضلال.لقد أمضيت أربعين عاما تقريبا تخدم الأمن وتطوره وتحافظ بعون من الله على أمن الحجاج والمعتمرين وتسهم في أن يتعبدوا ربهم ويؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة وأنت يقظ تعمل بجد وإخلاص وأمن الوطن هو هاجسك فعاش فيه المواطن ينمي تجارته ويبني عمرانه ويعلم أولاده ويؤدي صلواته، وليستقطب هذا الوطن بأمنه وأمانه ملايين المقيمين الذين وجدوا فيه ضالتهم ليعيشوا فيه وليساعدوا أسرهم في بلدانهم، ومن جاء لا يريد الرجوع لبلده بل يحرص على البقاء والاستقرار وإحضار بقية أسرته للعيش في وطن أنت من تقود فيه الأمن مستلهما توجهات والدك الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وإخوانك الملوك من بعده .لقد منحني الله شرفا عظيما أن أعمل معك أربعة عشر عاما تقريبا هي أجمل فترات عمري متوجا تجربتي المتواضعة في الإعلام والتربية بالنهل من مدرستك الأمنية، فتشرفت بحضور لقاءاتك مع الأكاديمين ورجال الإعلام والفكر والثقافة وعلماء الوطن وعلماء العالم العربي والإسلامي والسياسيين من مختلف دول العالم ورجال الاقتصاد والمال والأعمال ومع الشباب، فكان الدين حاضرا في حديثك، وكان المواطن وسعادته ورفاهيته هو هدفك .وكنت حريصا على توفير فرص العمل للمواطنين والمواطنات وعلى كرامة المرأة ودينها وشرفها ونقائها، وكنت متحدثا واثقا قلبك مفتوح ومكتبك مشرع للمراجعين وتحرص على مجلسك الأسبوعي للمواطنين، تقرأ طلباتهم بحرص وتتجاوب مع مشكلاتهم وتفرج عن كرباتهم بعون من الله، إضافة إلى مقابلاتك اليومية للجميع حيث ما أسهل أن يصافحك الناس وتقابلهم بقلب عطوف، تحث على التعليم وترسل من يحتاج للعلاج، وتقف بعدل مع المظلوم، وتجود بمالك وجاهك ومكانتك من أجل سعادة الآخرين . ولم يكن المال عندك مساومة في إذلال الناس أو تحقيرهم أو استغلال حاجتهم بل كرم الأخلاق وسمو النفس وعلو المنزلة والتسامح وتشجيع المخلصين والتعامل مع الهمازين المشائين بنميم بعقل راجح وبصيرة موزونة عميقة .رحمك الله يانايف بن عبدالعزيز، فقد كنت الوالد والحنون والنبيل مع أبناء وطنك فأحبوك، وقابلتهم بالعطاء والإخلاص والبذل حتى تركت الأمن في أفضل حالاته من تدريب وإعداد وتجهيزات، وبقيت مدرستك وحكمتك في حل المعضلات طريقاً يحتذى، بداية بفتنة الحرم المكي الشريف ومرورا بأحداث الحج المختلفة التي غذتها الطائفية البغيضة أو أحداث الأرهاب المختلفة، وحربك على الجريمة والمخدرات والفكر الدخيل، حيث كنت أسد السنة وخادم العقيدة وناصر المرأة المحافظ عليها من التغريب والتحلل والتفسخ .لقد ودعناك مسافرا لفحوصات خرجت بعدها وأنت تبشرنا بعودة قريبة، ثم قدر الله ماشاء فعل .ولازال الجميع يتذكرون كلماتك وتصريحاتك وأحاديثك وحواراتك، تنصت وتقرأ وتتحدث حديث الثقة والحكمة والمنطق، فيشاهدك الجميع في وسائل الإعلام ويشعرون بقيادتك وحضورك ومكانتك الطيبة في نفوسهم .ولقد كنت تحمل قلبا يقدم الخير والتسامح والعفو انطلاقا من قول الشاعر لايحمل الحقد من تعلو به الرتب ولاينال العلا من طبعه الغضب فكان هذا سبب بكاء الناس عليك وشعورهم بضخامة الفقد ومرارة الحدث والحزن الكبير على فراقك .وبحمدالله كان سندك الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائبك لسنوات طويلة يسير على نهجك، وهاهو ابنك وتربيتك ومدرستك الأمير محمد بن نايف يواصل خدمة الأمن بكل إخلاص ووطنية، حيث محاربة الإرهاب والمخدرات، والحزم في تنظيم العمالة المخالفة وتصحيح أوضاعها، والنجاح في إيقاف المتسللين عبر الحدود الذين روعوا الناس، والشدة في الوقوف ضد تصرفات بعض الشباب ومن يسمون بالدرباوية حتى تم إيقافهم عند حدهم، وتطوير نظام البصمة الذي كشف عن كثير من المشاكل وقام بحلها، وتطوير الخدمات الإلكترونية في أعمال وزارة الداخلية مما يبشر بخطوات أفضل وأجود للتسهيل على المراجعين وخدمتهم .فالدعاء إلى الله عز وجل أن يسكنك أيها الأمير نايف بن عبدالعزيز فسيح جناته، وستظل القلوب تنظر إلى بساطة منزلك في المعذر وأسلوب حياتك البعيدة عن المبالغة يعرفها من تشرف بالقرب منك أو من أكرمته بدخول منزلك أو دخلت منزله، حيث التواضع والحب والحنان وحسن التعامل والحلم والعمق والحكمة التي وهبها الله لك، فكنت المواطن الذي عمل لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه.