أشغلني صاحبي الذي أراه كثيراً، بعد أن بلغني أنه (لا يحبني).. بل ربما (يكرهني).. تركني أفكر ولم يكن بقربي وردة جميلة لأمسكها بيدي و(أنتف) أوراقها وألقي بها على الأرض واحدة بعد الأخرى.. أسألها لأتأكد: (يحبني.. ما يحبني).. ولأنني لا أقوى على اكتشاف عدم محبته لي ـ فما بالك بالكراهية ـ فقد صرفت النظر عن تلك الفكرة، وفضلت البحث في الأمر بالعقل.. بالمنطق. صدقوني يعجبني الحب بالعقل، والكراهية بالعقل أيضاً.. أعرف أن للقلب ما يهوى، ولكن العقل يقول كل شيء له سبب، فما هي الأسباب يا أصحاب؟ أبداً.. يقول إنك (ثقيل طينة). حلو.. ولست موهوباً جميل.. وأنك سطحي، لا تحسن الغوص في أعماق الحروف.. تكتب كلاماً قليلاً فيما أقرانك من الكتاب يقدمون العلم وأنت شارد لا تحسن غير (الإشارات). وماذا يقول صاحبك أيضاً؟ لا شيء أكثر.. المهم أنه لا يراك شيئاً ذا قيمة. حسناً.. إنها (عدائية) صريحة تعبر عن حالة ليست سوية إلا إذا عرفنا الأسباب.. المهم ألا تكون على طريقة (ثقيل طينة).. وإذا كانت كذلك فأعتقد أن الخلل يكمن في (عقلية) صاحبك.. الكراهية يا صاحبي مصدرها العقل.. وهو الذي يملي على القلب مشاعر لا تليق به حين يكون عامراً بالتقى.. نعم.. أريد سبباً واحداً للكراهية حتى (أمشيها) مع أنني لا أستسيغ كلمة الكراهية بين الناس وخاصة المسلمين الموحدين منهم؛ لأن ديننا العظيم لا يدعونا فقط إلى العفو والغفران لمن أساءوا إلينا بل وبمقابلة الإساءة بالإحسان. موضوع مهم يستحق أن يفتح وأن يتوقف عنده طويلاً.. ولكي نكون (أسوياء) تعالوا نناقشه بافتراض أن الحالة التي يشعر بها الإنسان تجاه بعض الناس الذين يشاركونه الحياة ويتعامل معهم هي (شعور بعدم الارتياح).. ترى ما الذي يخلق هذا الشعور عندك؟.. لا بد أن تكون هناك أسباب.. كم كنت أتمنى أن يصرح بها صاحبنا لنقفل الباب ونمنع ريح (الشقاق).. لعلها توهمات للشخصية يرسمها التعبير بالصوت والصورة بإيقاع وزاوية لا تبعث على الإرتياح.. ربما.. ولكن القضية لا يمكن أن نحملها للمرسل.. فالمستقبل لا بد أن يدعم جهاز القراءة عنده بأدوات وملكات، وأن يغذيه بتلك القيم الجميلة التي توجه الانطباع ايجاباً.. يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف". حديث حسن، حسنه الألباني.. ولا يسعني أخيراً سوى أن أقول مشكور يا صاحبي على كل ما قلت في حقي سلباً فأنا أتعلم من الرأي وأقبله.. المهم ألا يصل إلى حد الكراهية يا (حبيبي).. خاصة وأنت تصر على أن تأتي إلي وتسلم علي وتتكلم عن شؤونك وشجونك.. حيرتني، ولا يليق بي ولا بك أن تجدني وسط هذا (الاضطراب) السلوكي الذي يعتريك؛ أمسك وردة جميلة.. أنتف أوراقها واحدة.. واحدة.. أسألها (يحبني.. ما يحبني).. أفصح يا صاح، ولن تجدني إلا مؤْثراً .. كريماً.. يترك لك (الجمل بما حمل).