هي عاصمة بلاد الجمال.. تصلح لكل مناحي الحياة.. حتى قبل أن أعرف أنها الأفضل قلت للمدام - بعد جولتنا الأخيرة في ثماني مدن أوروبية - إنها الأفضل.. ما هي يا ترى هذه المدينة التي حازت على الأفضلية بين مدن العالم أجمع؟ إنها العاصمة النمساوية (فيينا)، هذا ما كشفه أحدث مسح عالمي أجرته مجموعة (ميرسر) للاستشارات. نعم احتلت فيينا - التي يبلغ عدد سكانها 1.7 مليون نسمة - المركز الأول للعام الرابع على التوالي، وذلك لأنها تنعم بحياة ثقافية غنية، ورعاية صحية شاملة، وتكاليف سكن مناسبة. أما سر جاذبيتها فلن يتوقف عند الهندسة المعمارية البديعة لمبانيها، والتي تعود إلى زمن إمبراطورية (هايسبرج). الزائر لهذه المدينة الثرية المؤنسة بوجود هذا الخليط المتعدد من الجنسيات لن يشعر بالغربة وسيألف الحياة فيها، خاصة حين يقترب من الناس.. وأكثر ما يمكن أن يحقق هذا التآلف ويكسر حدة الشعور بالاختلاف استخدام وسائل النقل العامة التي تتوفر في المدينة عبر نظام (المترو) والحافلات، حيث لا يكلف نظام النقل العام في (فيينا) سوى 15 يورو أسبوعياً للسائح الذي يقضي إجازة قصيرة، بينما لا تزيد التكلفة للمقيمين عن يورو واحد يوميا عند استخدام البطاقة السنوية للتنقل في المدينة. اللغة الإنجليزية ستمنحك القدرة على الاتصال.. ولكن (الألمانية) ستقترب بك منهم أكثر.. لغات متعددة ستستمع إليها حين تكون بين مجموعة من الناس في مكان عام.. المواطنون يتسمون بالطيبة والتعاون.. أستطيع أن أميزهم عن الوافدين، رغم أن الجميع يتعاملون بشكل حضاري، مما يعطي دلالة كبيرة على تطبع المهاجرين والقادمين للعمل بصفات وخصائص المواطنين. النمساويون يقدرون قيمة المكاسب الكبيرة التي تحققت لهم سياحياً، حيث بلغ عدد القادمين للبلد 33 مليون زائر سنويا وفقاً لإحصاء وزارة السياحة العالمية لعامي 2007 و2010. وهم يدركون أن المحافظة على مثل هذا الإنجاز الاقتصادي الكبير لايتحقق إلا من خلال توفير مزيد من وسائل الراحة للزوار على مختلف فئاتهم العمرية. ولأن العرب يشكلون نسبة كبيرة من السياح، فقد ركز المجلس الوطني النمساوي للسياحة على تقديم المزيد من المعلومات باللغة العربية، واستخدموا في ذلك تطبيقات الهواتف الذكية، وعرضوا عبرها دليلاً إلكترونيا شاملاً للسفر باللغة العربية، يحتوي على المعالم والوجهات السياحية للعائلات، ومرافق التسوق والمطاعم التي تقدم فيها وجبات حلال. كما يتضمن الدليل معلومات عن المساجد والمصليات والمؤسسات الإسلامية في النمسا، بل ويحتوي على ترجمة لأكثر العبارات الشائعة في اللغة النمساوية لكي يتمكن المسافر العربي من التواصل مع السكان المحليين.. إنها مدينة مفتوحة تحارب العنصرية وتؤكد على حقوق كاملة لمهاجريها، لاتختلف عن تلك التي يحظى بها (النمساويون الأصليون). إذا ذهبت إلى فيينا فلا بد أن تقضي جزءًا من إجازتك في سالزبورغ، وزيلامسي، وانسبروك.. إنها مدن صغيرة جميلة ذات طبيعة آسرة.. ربما صنعت منك شاعراً أو رساماً.. إنها عوالم من الدهشة لايصح لمن يزور النمسا أن يعود دون أن يعيشها.. إجازة سعيدة.