أعرف جيدا بأن الساحة الكروية السعودية عامرة بالأخبار والأحداث الساخنة، حتى وإن تبقى على انطلاقة مباريات الدوري أسابيع قليلة .. وأعرف جيدا أن الزميل رئيس التحرير العزيز سعد المهدي يفضل دائما أن تكون الزوايا الأسبوعية واليومية مخصصة للرياضة وللكرة فقط دون تناول قضايا أخرى، وأزعم أنني ملتزم بتعليمات رئيس التحرير حتى وإن كنت متقاعدا من العمل الرسمي واليومي .. وربما يتساءل أحدهم لماذا لم أكتب اليوم عن ضم النصر للجيزاوي .. أو قضية عماد الحوسني مع الأهلي أو تعاقد الأهلي مع المهاجم الكوري الذي (لم أحفظ اسمه بعد) أو قضية ديون الاتحاد أو معسكر الهلال في النمسا أوقضية ناصر الشمراني مع برودوم .. أجد نفسي اليوم وبعد الإذن من (أبو نواف) أن أكتب عن قصة الموت على الخط السريع بين جدة ومكة المكرمة بداية من مطار الملك عبد العزيز بجدة ومرورا بجامعة الملك عبد العزيز بجدة مرورا بخط الحرمين الذي يشق عروس البحر من شمالها إلى جنوبها قبل أن يبدأ الخط السريع المؤدي إلى مكة المكرمة والذي لايتجاوز ال70 كم .. ومن حسن حظي إنني لست كاتبا اجتماعيا أو سياسيا وإلا لكنت ضيفا دائما وثقيلا على قسم التحقيقات في وزارة الثقافة والإعلام بصفة دورية .. لكن الكرة والرياضة رغم كل ما تحمله من إثارة هي أخف الأضرار وكل ما يكتب فيها ينتهي تحت بند (الروح الرياضية). إنها قصص الموت أو الباحثين عن الموت والانتحار وكل شيء بقضاء وقدر، ولكن الله أمرنا في محكم كتابه بقوله سبحانه وتعالى (وَلاَتُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) صدق الله العظيم .. وكم من الفتاوى الشرعية التي وضعت من يسرع بسيارته بطريقة جنونية في حكم المنتحر وقد يقتل معه بتهوره وجنونه في طريقة قيادة المركبة أبرياء آخرين من أطفال وأسر بأكملها، وقد يتسبب في كوارث أسرية كم عانى منها المجتمع السعودي من الآلام وأحزان كثيرا حذر منها المرور والأمن العام وأمن الطرق، ولكن لقد أسمعت لوناديت حيا...، ولن أكتب عن هذا الموضوع جزافا ولكن بما شاهدته بأم عيني وأنا في طريقي مساء أمس الأول الخميس من منزلي في جدة وبالتحديد من حي النسيم المجاور للجامعة إلى مكة المكرمة لحضور برنامج فوانيس الرمضاني بدعوة كريمة من الأخ حاتم خيمي للمشاركة في البرنامج .. ومع التعميم الرسمي الذي وزعه الأمن العام عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي وعبر جوال كل مواطن ومقيم وبجميع اللغات الحية والميتة بالتخفيف من التوافد بكثافة يومية على الحرم المكي، ومنح الفرصة بشكل كامل للقادمين من خارج السعودية بسبب الزحام المتوقع على خلفية الإنشاءات والتوسعة داخل الحرم .. وتوقعت بالفعل بأن هناك تجاوباً ورغم أنني تحركت من منزلي قبل بداية البرنامج بساعة ونصف إلا أنني فؤجئت بازدحام غير طبيعي على طريق جدة مكة لم أعهده في حياتي، لدرجة أنني تأخرت على بداية البرنامج وهذه ليست القضية .. وليس الازدحام نفسه هو القضية، لكن الأدهى والأمر طريقة القيادة بشكل متخلف وغير حضاري ولايليق بأشخاص يقودون سيارات في طريقهم إلى بيت الله الحرام بحثا عن الأجر والحسنات .. وكأنك في سباق رالي سيارات أو مشارك في سباق الفورميلا 1 .. ومن خلال مشاهدتي أن الطريق يضم 5 ممرات ذهابا ومثلها إيابا .. وحدث ولاحرج عن التجاوزات المرورية ومن اليمين والسرعة المذهلة التي تتجاوز140 و160كم في الساعة ضاربين بساهر وتعليمات المرور وأمن الطرق عرض الحائط .. وليتها سيارات صغيرة لكن الأمر أهون على طريقة (لو قدر الله شيئا لجاء بسيطا)، لكن المصيبة أن المسرعين والمتهورين هم من سائقي الشاحنات والتريلات والباصات القادمة من المطار .. وهذا ما شاهدته بعيني على طريق الموت بين جدة ومكة، والمطلوب المزيد من العقوبات المشددة وتفعيلها من المرور ومن أمن الطرق، والواضح أن غرامات ساهر لم تعد رادعة. حقا إنها كارثة وهي جزء من ثقافة شعب امتهن (صناعة الموت) .. حتى في الحروب كفانا الله شرها لم تفقد المملكة العربية السعودية من شبابها مافقدته في الحوادث المرورية التي حصدت من كل بيت مايكفي .. ومن حقنا أن نصرخ ونقول (كفاية) .. وأذكر إنني كنت في زيارة لمدير مرور جدة السابق اللواء محمد القحطاني واقترحت عليه اقتراحاً خطيراً ينهي قصص الموت في الشوارع، وهو التعمد في وضع (مطبات صناعية)، وأذكر أن أحد الجالسين في مكتب مدير المرور قال لي: ولكن يا أخي خالد هذه فكرة متخلفة.. و لم أجد أمامي إلا أن أجيبه: أعرف أنها فكرة متخلفة .. ولكن الشعوب المتخلفة تحتاج إلى أفكار متخلفة.. وهي نفس الفكرة المطبقة حاليا في كورنيش جدة وبعض شوارع جدة وبالتحديد في شمالها .. وطالما أن الفكرة نجحت في بعض مناطق جدة وشاهدتها في الرياض عند الإشارات المرورية.. فمن باب أولى أن تطبق على خط الحرمين بين جدة ومكة وهو الذي لا يخلو من عشرات الحوادث .. حتى في الأفراح لانعرف كيف نعبر عن أفراحنا .. وخلوهم يقولوا علينا متخلفين بس نعيش، فالطريق بين جدة ومكة قصير ولابأس أن نقطعه في ساعة أو ساعة ونصف بدلا من نصف ساعة .. والدنيا ما طارت .. عفوا على الإطالة لكن المسألة موت وحياة.