|


د. سعود المصيبيح
دعوها تقود
2013-10-24

من أخطر الأمور في موضوع قيادة المرأة هو نعت المؤيدين لها والمطالبين بها بالعلمنة واللبرلة والتغريب.. بل وحتى الدياثة والعياذ بالله. وهذا ظلم وبهتان عظيم واتهام الناس في دينهم وأخلاقهم وعقيدتهم لمجرد الاختلاف في الرأي والمطالبة بأمر سيحدث آجلا أو عاجلا، لأن الأصل في الأمور الإباحة ولايوجد أي نص شرعي يمنع من أن تقود المرأة السيارة وبالتالي يجب أن لايطعن في الناس وأن لايكون الأمر التشكيك في الذمم والهجوم على المطالبين في قيمهم ومبادئهم، والذي أراه أنه قد حان الوقت وأصبح المجتمع مهيئا لذلك وذلك لمنع وقوعنا في دائرة السخرية من بقية دول العالم في أمر وصلت فيه العالمة السعودية والطبيبة السعودية والاستشارية السعودية إلى مواقع متقدمة عالميا في علومها ومعرفتها وأدائها. كما أن ابنة عم السعودية أو قريبتها أو أختها أو هي أيضا تقود في الكويت ومصر ودبي والبحرين وأمريكا وبريطانيا وبقية دول العالم مثل بقية نساء الأرض، ولايحتاج الأمر لكل هذا الشحن والتوتر والتشكك. وعادت بي الذاكرة إلى سنين الدراسة عندما كانت الزوجة والأخت والزميلة السعودية تقود هناك وتخدم أسرتها وأطفالها، كما أن زوجها بعد خروجه من يومه الدراسي يخطب في المسجد هناك ومن الفاعلين في العمل الدعوي وهو كذلك ومن معه من زملائه عندما عادوا إلى المملكة، فهل نشكك في الآلاف من السعوديين الذين درسوا في الخارج وعرفوا بأخلاقهم الحميدة بأنهم يريدون التغريب في المجتمع؟ ثم هل يربط هؤلاء بين هذا الأمر وأمن الوطن وقدرات رجاله الأبطال وهم من حارب الأرهاب وأدار أمن ملايين السعوديين والمقيمين في صحراء شاسعة يتحركون في مدنها وقراها بأمن واستقرار؟ ويؤمن سلامة وأمن واستقرار ملايين الحجاج والمعتمرين والزوار، وبالتالي لامجال لإقحام الأمن في قضية اجتماعية يحمل المطالبون بها كل الولاء والحب لهذه القيادة الحكيمة والأرض الطاهرة والعرفان للبطل الموحد القائد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، وممتنون لما قدم من وحدة واستقرار بفضل الله ومنته، وحريصون على أمنه وهم يشكلون كثيراً من أفراد المجتمع بخلاف الأغلبية الصامتة التي تتخذ الرأي المستمع دون الدخول في مناقشات تعرضهم لعدم القبول من الأصوات الأكثر استغلالا للحدث أو الأكثر حسن نية. وهنا لامجال في التشكيك في نية المعترضين على قيادة المرأة، لكن بعضهم يتأثر دون إدراك لأبعاد عمله. وأعتقد أن ولي الأمر حفظه الله سار في اتجاهات رأى فيها المصلحة في أمور تعود الآن على الوطن بالكثير من الإيجابيات، ومن ذلك مئات الآلاف من المبتعثين والمبتعثات الذين يمثلون كل أسرة في المملكة، وكان لهم أن يبقوا دون تعليم متقدم فيما لوتم الاستماع للآراء التي وقفت بشدة ضد الابتعاث، وكذلك في وجود جامعة ضخمة مثل جامعة الملك عبدالله أو تطوير جامعة الأميرة نورة أو دخول عضوات مجلس الشورى أو غيرها من الخطوات التي تخدم المجتمع وتقدمه .ومثل ذلك عدم تقدير موقف المملكة الداعم لأمن واستقرار مصر، بينما كان لولي الأمر حفظه الله رؤيته الموفقة في ذلك. وهنا أعود إلى الوراء وأنظر للتاريخ عندما ركبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها الجمل في المعركة التي سميت باسم الجمل عندما اختلف الصحابة رضوان الله عليهم.وكان الجمل هو سيارة ذلك الزمان وعليه تقاس كل الأدوات والآلات الحديثة التي عرفها العالم لاحقا .وأرجو أن لاتكون نظرة البعض لقيادة المرأة ضمن النظرة الدونية لها في وأد البنات في الجاهلية والأعراف التي ليست من الدين في شيء بينما رفع شأنها الإسلام وأعزها في حياتها وحتى استقلاليتها المالية في وطن ضمن الأعظم عشرين دولة في العالم اقتصاديا، لا يصح أن تبقى المرأة لاتمارس حقها اختياريا في أمر منحها الشرع خصوصا أن للقادرات إحضار سائقة أو القيادة بنفسها، لكن ماذا عن غير القادرات ماليا اللواتي يصرفن جزءاً كبيرا من مداخيلهن للسائقين ويتعرضن للخلوة بهم وبالكثير من الإشكالات التي لاتخفى على أحد .وأخيرا هي وجهة نظر شخصية لمواطن يرى موضوعاً اجتماعياً لاينبغي التردد في طرح وجهة النظر لأن من المفترض المشاركة في الرأي في موضوع اجتماعي مهم لوطن عظيم هو المملكة العربية السعودية.والجميل في الأمر أن الدعوة لقيادة المرأة للسيارة ستكون محدودة جدا، فعدد النساء بالملايين بينما من يعرفن القيادة لن يتعدى الآلاف، ولهذا سيكون العدد قليلا جدا ولا يدعو للتخوف.