|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
ليلى وصباح
2013-10-25

مازلت أتذكر ليلى وصباح فتاتان من فتيات الحارة.. ليلى – يا سادة – كانت بيضاء أما صباح فكانت سمراء.. ولم أكن أرى في ذلك بأساً قبل أن يمر (عم حسن) ويسلم عليهما ويسألهما عن الأسماء.. إيش اسمك يا أمورة؟ قالها للبيضاء فأجابت باستحياء: ليلى.. لم يعلق (عم حسن) فقط تحول ليكمل استجوابه مع السمراء: وأنت يا سمورة؟ قالت باعتداد: صباح. ثار (عم حسن) وصاح: هو الليل انقلب صباح.. والصباح صار ليل.. وتركهما وعاد ليكمل (طقوسه). مشكلتي أنني لا أدقق كثيراً في دلالات الأسماء مثل (عم حسن) وإلا لأصابتني الحيرة وأنا أرى صالحاً فاسداً.. وفالحاً طالحاً.. وصادقاً كاذباً.. وأميناً خائناً.. وعادلاً ظالما. الأسماء لاتعرف.. أستسيغ هذا القول اليوم.. رغم أنني أظل أغوص فيها ليس لأستخرج فهماً سطحياً كهذا الذي أتى به (عم حسن) وتوارى عائداً إلى طقوسه القديمة.. يمارس انغلاقاً فكرياً وهو يغني للحرية. وقع في أسرها فبات يعيش حياة رتيبة، يسلم نفسه فيها لأشياء صغيرة.. حياة أبعد ما تكون عن الحرية التي يملك الإنسان فيها روحه ويعلو بها ليأخذ قليلاً ويصنع كثيراً. أين ليلى وصباح لأبحث في وجهيهما عن ألوان أخرى غير الأبيض والأسود.. أجزم أن كل الألوان سأراها تزهر في طلتيهما.. في الحارة يوم كنا صغاراً كانت الأشياء كلها جميلة.. لم نكن نصنفها بين الأبيض والأسود.. ولم يكن الأبيض ليطغى على الأسود.. كانت الألوان كلها ترقص في (عيون) الحارة.. عيون يملؤها الحب.. إياك أن تضحك على ما قاله (عم حسن) ساخراً حتى لا يحبسك رأيه فتصبح (فئوياً).. ربما مثل هؤلاء الذين يقفون في (مدرجات الكرة) يسخرون من الناس ويزرعون الفرقة بين أخوة ليلى وصباح. هناك في الإرث الذي زهدنا فيه كان بلال يعيش الحرية رقيقاً في يد (أمية بن خلف).. عاشها قبل أن يعتقه صاحب رسول الله الأول سيدنا أبوبكر الصديق.. لتصدح في الآفاق مقولة الفاروق عمر: أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا.. نعم كان سيدنا بلال عبداً حبشياً يصلى بالسواط وتوضع على جسده الحجارة الكبيرة في عز الظهيرة على رمضاء مكة.. أحد أحد.. ظل يرددها ليبلغ بها أقصى درجات العبودية والحرية. كان عمر يقول: أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا.. يعني بلالا.