|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
يا أخ .. لا بارك الله في الفوقية
2013-12-20

ليست لدي حساسية في مسألة الدعوة بالألقاب العلمية، ولا يزعجني أن أنادى في الأوساط الاجتماعية باسمي الأول (محمد).. اتفق في ذلك مع صديقي الذي أشرف على دراستي في مرحلة الدكتوراة البروفيسور روبرت ماثيو.. لقد رأيت السكرتيرة وعاملة النظافة تناديانه (بوب) وهو رئيس القسم والمتخصص في مجال خدمات التعليم والتعلم.. والمهندس أيضاً..

حاولت أن أقلدهم لكنني عجزت.. حتى ضاق بي (البروفيسور) فقال لي بإصرار فقط (بوب)، وأضاف قائلاً: محمد.. سأغير هذه التوجهات عندك.. إنني أحب أن تدعوني (بوب).. وقد علمت بعدها أنه الاسم المختصر أو اسم (الدلع).

هذا التنازل العجيب عن (اللقب) في دائرة العمل صعب الأمر علي في البداية ولكنني في الأخير أصبحت أدعو صاحبي (البروفيسور) بـ (بوب).. هكذا (حاف).. شجعني على ذلك أن الجميع كانوا يفعلون ذلك.. ويبدو أن حرارة العاطفة وعفوية النداء التي تحمل تقديراً واحتراماً وحباً للشخصية قد سهلت الأمر علي.. نعم، أحسب أن هذه المشاعر الإنسانية هي من فرضت القبول والالتقاء فارتقى (بوب) بلا لقب وعاش في مجتمعه طبيعياً يركب السيارة الفاخرة يوماً ونشاهده كثيراً على (دراجته العادية)، فيما هنا في (المضارب العربية) من ينفخه اللقب العلمي والمنصب الوظيفي فيمارس الفوقية، ليس لأنه لا يتنازل عن دعوته بلقبه العلمي أو الوظيفي - فهذا حق تكفله له الأنظمة أو على الأقل الأعراف الوظيفية - بل لأن صاحبنا (المغرور) يفضل أن ينعت كل من يقل عنه وظيفياً - حتى وإن كان معادلاً له علمياً - يصر على دعوته بـ (أخ).. وإنني – يا قوم – لأشك في احتواء هذه الكلمة (العظيمة) على معاني الأخوة الحقيقية، وأرجح أنها إنما استخدمت للتقليل وإظهار الفارق في (المنزلة).. ولكم يا معشر الباحثين أن تعدونها مجرد (فرضية).. وها أنا هنا – قبل أن أودعكم - أثبتها بسؤال مباشر بسيط هو: هل يرضى صاحبنا المدير (الكبير) أن يجرد من لقبه العملي والوظيفي ويدعى بهذا الذي يحمل أقصى معاني التلاحم والمساواة بل واللين.. هل تراه يقبل أن ينادى بـ (يا أخ: داعم أو فلاح أو شاكر أو سعيد)؟.. هل سيكون راضياً وشاكراً وسعيداً بهذا التبسط؟.. أم أن صاحبنا سينظر في القضية ويعيد للناس ما لا يسمح بالتنازل عنه بل يراه عاملاً مهماً لإحاطة نفسه بتلك (الهالة) المغرقة في التعالي والفوقية؟.. ما أتوقعه هو أنه سيشتاط غضباً وسيبحث عن وسيلة لعقاب كل من يحاول أن يسلبه حقه في التعبير عن تلك الامتيازات الوظيفية بما يراه كفيلاً بالإبقاء على مسافة كافية بينه وبين من يشاركونه تحقيق أهداف المنظمة.. هذه المسافة التي ظلت تتسع فساهمت على مدار (عقود) لتكون محصلة نتائج العمل (شكلية).. رقماً لا روح فيه ولا هوية.. لا بارك الله في (الفوقية)..