|


د.تركي العواد
درباوي ... هلالي .. نصراوي
2014-01-22

قبل عشرين عاما .. وفي ايام تشبه هذه الايام .. وبرد يشبه هذا البرد, جلست مع صديق حول النار. نظرت للهب فوجدت احلام المستقبل تقف امامي. كان حلمي الاول ان امثل الفريق الاول بنادي الهلال وحلمي الثاني ان احصل على الدكتوراه من امريكا. اما حلمي الثالث والذي لم اتوقع تحقيقه ولكني قلته وقتها لأبين لصديقي اني مثقف هو ان اصبح كاتبا.

اما صديقي .. او من كان صديقي, فنظر للنار وشاهد احلاما لا تنتهي. استرسل في سرد احلامه بكل التفاصيل. حتى اسماء اولاده الثلاثة فكر فيها. كان يتحدث بحماس وإصرار ولكن قلبي (نغزني ) فأحسست انها لن تتحقق. قلت في نفسي .. لن يعيش طويلا وهو يفحط .. لن يعيش طويلا وهو لا يرتاح إلا اذا (صفق الطبلون) .. لن يعيش وهو لا يعرف قيمة الروح التي ائتمنه الله عليها.

لم يمهله الموت طويلا فالتقطه كما يلتقط النسر فريسته الساهية. ذهب دون ان يتعلم, ولكن قصته تمر امامي كلما شاهدت شابا يتخطى سيارتي بسرعة الصاروخ .. تمر صورته كلما رأيت شابا يفحط.

تعتقد عزيزي الشاب بأنك لن تتحمل شيئا من المرحلة المجنونة التي تعيشها اليوم. تعتقد انك ستخرج من حياة المخاطرة والمجازفة دون اذى .. تعتقد انك (بتكبر وتعقل). تعتقد انها مرحلة وتعدي وستنساها بخيرها وشرها. انت واهم .. والله انك واهم .. فإذا فقدت اصبعا واحدا في مرحلة المراهقة فستبقى كل العمر بتسعة اصابع. وإذا فقدت ضرسا فستبتسم طوال حياتك وأنت مغلق فمك.

نجاحك من فشلك تحدده خمس سنوات فقط. من 17 إلى 22 هي السنوات الاهم في حياتك وهي التي ستحقق لك احلامك او تقتلها.

سأعطيك اخي الصغير (المهايطي) الاحتمالات التي ستواجهك اذا ما كنت عاشقا للتفحيط اوتفجير الكفرات او حتى السرعة فقط. اما انك ستموت على الاسفلت كما يموت 17 شخص يوميا في شوارعنا وأنت مرشح فوق العادة لتكون مع الفجر منهم. او انك ستصبح من ذوي الاعاقة لتنضم لأكثر من 86 الف معاق في السنة بسبب حوادث السيارات. او ان سيارتك ستتهشم وتتحول لسكراب فتضطر وقتها لسرقة سيارة, لترتقي في سلم التهور من رتبة "مفحط" لرتبة "مجرم" وتدخل السجن ثم تخرج فلا تجد احدا في استقبالك, فتنعزل وتبدأ بتعاطي المخدرات ثم تهريبها وتنتهي حياتك بالإعدام .

اعرف ان لديك احلاما تدعو الله ليل نهار ان تتحقق .. ولكن الدرباوي لا يحقق احلامه .. الدرباوي اذا ما نجى من الموت والإعاقة والسجن فسينتهي به المطاف في وظيفة بسيطة لا يكفي راتبها للحمضيات التي يشربها. فالتفحيط والتفجير وسرقة السيارات والتحرش بخلق الله مهارات لن تفيدك في ايجاد وظيفة. لن تُسال في المقابلة الشخصية عن ناديك المفضل ولا عن سيارتك المفضلة بل عن الشهادات التي تحملها واللغات التي تجيدها.

ستجد نفسك بسرعة الشاص الاشهب قد تخطيت الثلاثين ولا تملك شيئا .. الكل غادرك .. إما غادر الحياة او انتبه لنفسه وعدل سلوكه إلا انت بقيت درباويا .. ولكنك لا تستطيع ان تكون درباويا طول العمر .. "يالبا الضحكة".

عندها سترمي بفشلك على الدولة والمجتمع وكل من حولك, ثم ستتحول لدرباوي تويتر, لا تعرف غير سب وقذف الناجحين.

هذا المقال للشباب الاذكياء, القادرين على التفريق بين الصح والخطأ, اما انت عزيزي (المفهي) المؤمن "بالزحفان على البيبان" و"اطربنا يا شنب" فواصل التفحيط فمتعته لا توازيها متعة .. من يدري قد يصبح التفحيط يوما مهنة محترمة.