لا يتسع المقال لعرض لمحة عن تاريخ أسرة "المدلج" التي يوجد بعضها في صفحات موسوعة "الأسر المتحضرة في نجد" للعلامة الراحل "حمد الجاسر"، ولكن الارتباط الوثيق بمدينة "حرمة" كان سبباً في معاتبتي كأقل الزائرين لها بين أبناء الأسرة المقيمين في الرياض، بينما الأكثر ارتباطاً وعشقاً لها هو العم "محمد العبدالمحسن المدلج" الذي كان أيام الوظيفة يقضي فيها معظم عطل الأسبوع وفور تقاعده بنى فيها بيته الثاني داخل استراحة أصبحت بيته الأول الذي يقضي فيه جل أيامه بعيداً عن ضجيج الرياض، ولم أجد مبرراً لتعلقه بالمدينة الصغيرة غير أنه "عاشق حرمة".
بالأمس تلقيت خبر وفاة عمي العاشق لمسقط رأسه ورأسي ورؤوس الكثيرين من أبناء "المدلج"، وكنت حينها في دبي حيث أعمال اللجنة العلمية لأكاديمية كرة القدم التابعة للاتحاد الإماراتي حيث كنت أنوي التوجّه بعدها إلى "مسقط" للاجتماع الهام بين الاتحاد الآسيوي والشركة المسوقة وحضور نهائي كأس آسيا تحت22 سنة، ولكنني قررت العودة لمشاركة أبناء عمي في مصابهم فكانت المشكلة الأكبر إيجاد مقعد للعودة في أيام يعود فيها مئات الآلاف من السعوديين إلى الوطن مع نهاية إجازة اختاروا قضائها في أكثر مدينة تلبي احتياجاتهم، ولكن أجمل سمات المجتمع الخليجي هي "الفزعة" فتكللت الجهود بعودتي بإذن الله مساء الجمعة والتواجد في بيت عمي يوم السبت والمغادرة إلى مسقط الأحد.
عمي "أبو خالد" رجل حكيم قليل الكلام نادر العتب، ولذلك يحب الجميع الذهاب إلى استراحته التي لا تغلق أبوابها ولا تخمد نارها ولا تخلو من زوارها، ففيها أقيمت الكثير من المناسبات وأبرم رئيس نادي "الفيصلي" الكثير من الصفقات، وستبقى على مر الزمن رمزاً للراحل "عاشق حرمة".
تغريدة tweet :
في المجتمع الخليجي يمثل "العزاء" ملمحاً هاماً للترابط الاجتماعي يساهم في تخفيف الأحزان على المفجوعين برحيل غاليهم عند سماع عبارات الثناء عليه والدعاء له. اللهم أرحم عمي "محمد بن عبدالمحسن المدلج" وتغمده بكريم فضلك وأسكنه فسيح جناتك وأجمعه في الفردوس الأعلى مع من يحب، اللهم أنزل على ذريته الصبر والسلوان ولا تفجعنا في عزيز وأحسن خاتمتنا وخواتيم من نحب وأدم علينا نعمة الترابط وجنّب الخليج كيد الكائدين وأحفظنا جميعاً بعينك التي لا تنام .. وعلى منصات العزاء نلتقي...