هل يراودك الأمل يا صاحبي أن تكون (مديراُ)؟.. إن جاءك في المنام فـ (اتفل) على يسارك ثلاثاً وتعوذ من الشيطان... ربما شعرت بسعادة غامرة.. لا بأس.. ولكن أحمد الله أنها كانت من (الأضغاث).. المسافة بينك وبين المنصب قد تبدو قريبة بمعايير الكفاءة.. إياك أن تسرف يا صاحبي في (المنطق) فهو ـ بلا تشاؤم ـ لم يعد يلقى اعتباراً في زمن العواطف والأهواء والأنواء التي تأتي فجأة لترفع أناسا فوق وتلقي بأناس تحت..
أرجوك لا تبتئس كثيراً ولا تحول تلك الحلاوة ـ التي علقت في لسانك قبل أن تستقر في قلبك ـ إلى مرارة.. نعم، لا تقل يا خسارة.. بل حاول أن تعدها تجربة فريدة مثيرة.. مثل أولئك المغرمين بالألعاب الخطيرة.. التجربة تبدو أشبه بلعبة (قطار الموت)... مرة واحدة تكفي.. حتى وإن كانت أضغاث أحلام.. وإياك أن تبالغ في الأحلام حتى لا تفسد على نفسك صفوها واستمتاعها بالحياة..
كل من أغراهم (القطار) كانوا يستعجلون الوصول إلى الأعلى، ولم يدركوا أن الوصول بهذه السرعة يعني بداية الهبوط.. أنظر إلى وجوههم وهم يهبطون.. وتأمل صورتهم وهم يتركون الكرسي في ذهول.. يضحكون.. يبكون.. يتساقطون.. هل ما زلت تهوى هذه المغامرة؟ .. لماذا لا تجرب (العجلة) أو (البكرة) تلك اللعبة القديمة التي ما تزال باقية؟... إنها تعبر عن دوران الأرض.. تأخذك مرة فوق ومرة تحت.. تمنحك الفرصة لكي تستشعر ذلك التقلب في الحال.. كلما ركبت العجلة أدركت أن لا علو يبقى ولا انخفاض يدوم.. وهكذا هي الحياة كما أرادها الله لا تثبت على حال... قد يزيد المال والجاه ومع ذلك يبقى الإنسان يبحث عن أشيائه الصغيرة ولا يجدها إلا عند أولئك البسطاء الذين كانوا حوله.. يتذكرهم كلما أخذته العجلة إلى الأسفل.. يفرح.. يضحك.. يشير إليهم بحب قبل أن تأخذه العجلة إلى الأعلى.. يشعر بتميزه عنهم.. ويخالجه شعور بالخوف.. يعرف أن زواله يتوقف على نزوله إلى الأسفل.. يشعر بارتياح أكبر.. ويظل يدور.. ويدور ويتقلب به الشعور، بيد أنه يدرك أن العجلة ستقف أخيراً وسيعود من حيث أتى..