يعجبني السفر في الصباح الباكر.. إنها ساعات (الروقان).. أحتفل بها.. وأهيئ نفسي لهذا الاحتفال.. تغازلني (القهوة) بعطرها.. أترقب موعدها.. تطاوعني دائماً.. هي مثلي تحب هذا الوقت من النهار.
ها أنا أتوجه إلى المطار.. والمزاج عال.. القهوة (معشوقتي) تستقبلني هناك.. ليس لدي متسع من الوقت لارتشافها.. علي أن أتجه إلى البوابة لتأخذني الحافلة حيث الطائرة التي ستعيدني إلى الدمام.
في الطائرة تحضر (المضيفة) لتسألك: ماذا تريد أن تشرب؟.. عصير.. شاي.. قهوة؟.. إنها قهوة أخرى.. لا بأس.. أريد شاياً.
ماذا تريد أن تأكل؟.. ساندويتش دجاج أم جبنة أم (موفين)؟.. ثلاثة خيارات تكفي.. ولكنها لا تليق لا بدرجة (الضيافة) ولا حتى من يعيشون (تحت خط الفقر).. والسبب لا يتعلق بكمية الطعام بقدر ارتباطه بالنوعية.. الساندويتش الشهير على الرغم من تصغير حجمه ما زال يتمتع بنفس خصائص سلفه من حيث البرودة العالية وكثافة الشاطر والمشطور وقلة (الحشوة) التي بينهما.. وعليك أن تحتاط بالتحكم في كمية الشاي أو القهوة أو العصير المقدمة باقتصاد كبير في ذلك الكوب الصغير، وتستهلكها بكثير من التدبير.. لأنك لن تتمكن من ابتلاع كل لقمة إلا وتتبعها برشفة.. لقد أخبرتكم سابقاً بهذا الساندويتش الخطير.. وتوقعت أن يتحرك المسؤولون في (السعودية) لإصلاح الوضع ولكني وبعد أكثر من رحلة وجدت الأمر باقياً.. لقد (خربوا) مزاجي.. أين أنت يا قهوتي؟.. سأبحث عنك في صباح آخر على طيران آخر.. متى يحدث ذلك؟.. حسب إذاعة يقولون الحدث يبدو قريباً.. وبالقياس على أخبار هذه الإذاعة قد نحتاج إلى عشرة أعوام في ظل الاحتكار بعد أن خاب رجاء الناس في (طيران ناس) ولم نشعر بطيران (سما) في (السماء).. وعلى هذا ستستمر سيادة الساندويتش رغم أنوف وأفواه وألسنة الركاب.. ولو أننا علمنا بأن الحال ستدوم على طول لأحضرنا معنا (العصير) وشيئاً من (البيتزا) و(الفطير) قبل أن (نطير).
لا (تزعلوا) علينا يا سادة.. فقد كان حالكم أفضل.
أدرك أنه (الترشيد).. وأقدر (الظروف) ولست مطالبكم بـ (خروف).. كل ما نريده صنف ساخن (مما تتخيرون) لا يتعثر مروره في (الحلقوم) ومعه كمية كافية من أي مشروب.. ليس شرطاً أن يكون خالياً من المواد الحافظة والألوان.. ثم ماءكم، وشايكم، وقهوتكم.. والله يحفظكم ويرعاكم.