دخل عليّ المكتب .. كان غاضباً بأدب .. رأيت وجوهاً كثيرة غاضبة بأدب هذه الأيام .. لم أكن أعرف من قبل أن الإنسان يمكن أن يغضب بأدب .. سمعت ما في خاطره قبل أن يرفع شفته عن شفته .. فالقضية تشغل بال كل من نتحدث معه، في كل شارع وسكة يخرجون ليعبروا عن رأيهم .. وكنت أحسبهم طوال الوقت يمزحون.
اعتقدت خطأ أن جماهير الهلال منقسمة بين سامي وسامي، وأن النسبة متقاربة، إن لم يكن المطالبون برأس سامي أكثر. ظننت وظننت وبقيت لا أسمع إلا صوت الظنون .. فليس هناك أغلبية بل مجرد انقسام .. ناس وناس.
ولكن هذه ليست الحقيقة .. هذا غير صحيح .. وجدت أن أقلية فقط تريد رحيله .. لا يهم إن كانت النخبة .. العقلاء .. أهل الحل والعقد أو من يفكرون في المستقبل .. الأغلبية يا ولدي مع سامي.
أنا مع رحيل سامي .. فالفريق لم يحقق أي بطولة وهذا يكفي لرحيل المدرب حتى لو كان جيريتس. الفريق مفكك فنياً ولا يملك هوية واضحة .. اعتمد طوال الموسم على الاجتهادات الفردية .. وهذا يكفي لإقالة المدرب حتى لو حقق أكثر من بطولة.
نظرت لسامي طوال الموسم كمدرب وليس كلاعب ولا زميل ولا صديق ولا أسطورة .. قيمت سامي بعيداً عن قلبي .. بعيداً عن العاطفة التي تصرخ في داخلي وتطالبني بالوقوف معه وتجاوز أخطائه قبل كل مقال ولقاء .. اخترت أن أكون موضوعياً .. اخترت أن أنسى الوجوه والأشخاص والتاريخ وأركز فقط على المنتج. فهذا ما أفعله .. هذا ما يجب أن أفعله. تعلمت من العمل الأكاديمي الموضوعية والحكم على العمل بعيداً عن الأسماء والقرابة والصداقة والمحبة .. لو تركت الموضوعية سأكون شخصاً آخر لا أعرفه .. شخصاً لا أحترمه.
اليوم أكتب مقالي في غير موعده .. قبل يومين من أوانه .. مستبقاً نهاية مهلة الأربع والعشرين ساعة .. لعلي أستطيع نقل ولو جزء مما أشاهده .. جزء من الحالة العجيبة التي يعيشها جمهور الهلال .. التفاعل غير المسبوق مع ظاهرة سامي.
أعود لأعطي صوتي لسامي لذات السبب الموضوعي .. فجمهور الهلال لا يجتمع على خطأ .. جمهور الهلال لا يريد غير سامي .. وأنا اليوم أؤيده .. صحيح أن الجانب الفني مهم .. ولكنه لا يكفي منفرداً لتحقيق البطولات .. فالروح تخلق المعجزات وتقلب النتائج .. الروح تعطي الألقاب .. الروح هي ما تجعل اللاعب يقاتل بكل طاقته .. يركض بقلبه .. يتفوق على نفسه وعلى خصمه. إذا حضرت الروح كل شيء ممكن.
سامي روح الهلال .. ومن أجل أن تبقى الروح .. سامي لا يروح.