|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
مرحىماذا فعل الألمان؟
2014-08-15

ما زلت أتذكر ثمانية الألمان.. أقول ذلك اليوم بـ (الفم المليان)، ولن أجد من سيتحسس من كلامي في محاولة للنسيان.. فالتاريخ لا يمكن أن ينسى.. هكذا يستفيد منه الأبطال، فيما نحاول دائماً أن نطوي صفحاته، ولا نعيد قراءتها.. إنها ثقافة (العربان).. دعوني أعود للألمان الذين (كرهناهم) بعد (الثمانية) الشهيرة، ثم عدنا لنرفع لهم (الغترة والعقال) بعد أن ألحقوا بنا المنتخب الذي يحبه كل العرب.. دكوه بالسبعة في (ماركانا) بيليه وجارينشيا ورفيلينو.. صدقوني.. كم كنت حزيناً على من جعلونا نعشق كرة القدم.. نقبل عليها كأجمل كوب من القهوة.. في يوم السبعة تجرعناها مرة كالعلقم.. ومن شرفة ماركانا كنا نرى المدرب يواكيم لوف والقائد فيليب لام وشفاينشتيجر وأوزيل وخضيرة وكروس والحارس العملاق مانويل نوير والمهاجم المخضرم ميروسلاف كلوزه إلى آخر القائمة.. كنا نراهم في كامل أناقتهم يركبون موديلات 2015 من سيارات مرسيدس وبي إم دبليو وأودي، في استعراض لا يمكن أن تغمض عينيك عنه!

(الماكينات) هو اللقب الذي أطلق على هؤلاء اللاعبين الذين يمثلون الكرة الألمانية.. ولا يمكن لكل من يذكرهم إلا أن تقفز إلى مخيلته صوراً نقية لتلك السيارات الفاخرة.. القوة والجمال.. بهما يتقدم الألمان بثقة كبيرة.. ولا بد أن يتسع الفارق طالما باتت كرة القدم صناعة مثلها مثل السيارات، واسألوا أصدقاءنا في (كوريا) و(اليابان) الذين تفوقوا مرحلياً، وينتظرهم عمل كبير لمعالجة نقاط الضعف المرتبطة بالفرد بدنياً وفكرياً ونفسياً، ليتمكنوا من التقدم ودخول المنافسة الحقيقية مع الألمان.. وأحسب أنهم سيرسلون أبناءهم إلى الأكاديميات الألمانية بعد التجربة البرازيلية، التي أكسبتهم المهارة وهي جزء من الشطارة التي صنعها الألمان في (البرازيل).

أما نحن فعلينا أن نبدأ في إنشاء أكاديميات كرة قدم بشكل مدروس بعيداً عن (التأليف).. يعني أن نبدأ من حيث انتهى الألمان، ولن أقول الهولنديين الذين سبقوهم إلى ذلك، ومع ذلك تفوقوا عليهم بمرتبتين، وهي في كرة القدم تعني الكثير.. نعم.. في كرة القدم كما في غيرها من المجالات لا مكان للتأليف و(صناعة العجلة من جديد).. اختر أفضل النماذج، وكيّفه على أيدي خبراء.. ليسوا في الكرة وحدها بل في الإدارة والتربية والتعليم والاقتصاد.. وكل ما له علاقة بجوانب العمل في هذه الأكاديميات.

التجربة الألمانية في إنشاء الأكاديميات بدأ العمل فيها قبل ثلاثة عشر عاماً ، بقرار إلزامي لكل الأندية المحترفة.. جاء هذا القرار بعد الخروج الكارثي للمنتخب في يورو 2000 بهولندا وبلجيكا برصيد نقطة واحدة ودع بها مجموعته.

وبعد قرابة عشر سنوات فقط لإنشاء هذه الأكاديميات خرج هذا الجيل الذي تألق في مونديال جنوب إفريقيا، وواصل طموحه القوي ليحقق ثورة كروية في (البرازيل)، تلك الأرض التي تنبت فيها كرة القدم وتقطف وتؤكل وتعصر وتحمل وتشم كأجمل زهرة.. انتهت المساحة وما زال السؤال قائماً.. كيف نعود ونتفوق؟.. هنا سأظل أبحث عن إجابة.. إلى اللقاء.