|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
أسكتلندا.. وجلاسكو غير
2014-08-22

أحدثكم اليوم عن أسكتلندا وقد عدت إليها بعد سنوات قضيتها فيها وتحديداً في هذه الفاتنة الخضراء (جلاسكو) التي بت أعرفها وأحن للعودة إليها كما أعرف (جدة) مسقط رأسي وحبيبتي. ولا بد حين تُذكر أسكتلندا ويستدعى تاريخها أن تتداعى ذكريات تلك الحروب الطاحنة مع الانجليز.. نعم، إنها ما تزال حاضرة في ذاكرة أهل هذه الأرض الممتلئة بخيرات طبيعية ومائية كبيرة.. من الصعب على هؤلاء المكافحين البسطاء أن يرضوا بالبقاء تحت سلطة من فرضوا لغتهم بالقوة، وسعوا خلال القرون الطويلة الماضية الى تبديد هويتهم وتراثهم العريق.

نعم لا زال الأسكتلنديون يفخرون بتاريخهم وأمجادهم على الرغم من تبعيتهم الحالية للتاج البريطاني، وعلى الرغم من استعمالهم للغة الانجليزية بدلاً من لغة أرض الغال (GAELIC LANGUAGE).

الكثرة تغلب الشجاعة.. هذا مثل حفظناه.. إنها معادلة التفوق والهيمنة للعلاقة التي تربط الأقليات بالدول المستعمرة.. خسمة ملايين أسكتلندي يعيشون على هذه المقاطعة الكبيرة في الوقت الذي يعيش في انجلترا أكثر من خمسين مليون إنجليزي.

هذه الشوارع التي تم تغيير أسمائها لأسماء إنجليزية بدلاً من الأسماء الأسكتلندية، ظلت تذكر الأسكتلنديين باعتداء الانجليز (الغزاة) وتدفعهم نحو الارتباط بهويتهم وتراثهم.. نعم.. ما زال أهل أسكتلندا يرتدون ملابسهم التراثية .. ما زال الرجال يتزينون بلبس التنورة (الكلط) ذات المربعات الملونة بالأخضر .. ما زال الجميع يفخرون بلبس اللون الأحمر المزركش بالعديد من الألوان الأخرى، يذكرهم بتلك الدماء التي سفكت دفاعاً عن استقلال أسكتلندا وحريتها التي طال انتظارها وباتت اليوم قريبة رغم تحذيرات وتخويفات الانجليز للأسكتلنديين من آثارها الاقتصادية في حالة اعتمادها لعملة جديدة وهو ما سيفرضه الانجليز عليهم في حالة إصرارهم على الانفصال.



جلاسكو غير

من يأتي إلى (جلاسكو) هذه المدينة الأسكتلندية الجميلة سيحبها كثيراً.. قضيت فيها شطراً من حياتي. ورغم كل ما كان يكتنف فترة الدراسة من معاناة وصعوبات كانت الحياة فيها حافلة بالأنس والمسرات.. هذه الساحرة الخضراء كانت تتلون بأزاهير تحمل كل ألوان الجمال.. منها أخذت (الكلط) الأسكتلندية بهجتها.

وها أنا أعود اليوم إلى جلاسكو زائراً أبحث عنكم أيها (الصحاب).. يا من رسمتم صورتها بألوان لم تحملها (الكلط).. ملأتموها أنساً بأصواتكم وأنتم تغدون وتروحون إلى الجامعات والمكتبات والمساجد.

ما أجملها من أيام قضيناها في أخوة حقيقية.. ذهبت إلى المسجد المركزي ولم أجدكم.. ذهبت إلى الفرقان ودعوة الإسلام فلم أركم هناك.. وقفت أبحث عن بقايا حلم جميل كان هنا ولم يبق منه سوى المكان.. ما زالت هنا بعض ذكرياتي ألملمها.. أصنع بها فرحاً كان مختلفاً يوم كنتم هنا.. الأيام الحلوة لا تعود.. هكذا يقولون.. فماذا تقولون؟.. دعونا نعود إليها سوياً.. ربما في العام المقبل.. إلى اللقاء.