|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
أوقفوا الاتهام.. (البيروقراطية) نظام
2015-04-10

لايزال هذا المصطلح (الشهير) المدعو (بيروقراطية) يلاك على ألسن من يحترمون النظام ومن لا يقيمون له اعتباراً على وجه سواء.

يتهمونه بأنه وراء تأخير أعمالهم والإضرار بمصالحهم.

ولا أجد في هذا الاتفاق بين الفريقين ما يدعوني لكي (أحتار)؛ لأن كل فريق ينظر إلى (البيروقراطية) من زاوية مختلفة.. يرسمها حسب توجهاته.

فالباحثون عن مصالحهم وفق أهواء شخصية تبتعد عن الموضوعية راحوا يستاؤون من تلك الضوابط النظامية التي تكفل تحقيق العدالة بين الناس؛ تمنحهم فرصاً متساوية وفق متطلبات ثابتة ومحددة لا تسمح بالتدخلات الشخصية.. يسمون كل ذلك (بيروقراطية).

أما أولئك الذين يبحثون عن قضاء مصالحهم من خلال نظام سهل وسريع فهم يتهمون نظاماً بيروقراطياً بعينه تكثر فيه المتطلبات والإجراءات والروتين الممل ولا يعترف بالاستثناءات التي تقتضيها المصلحة العامة.

نعم البيروقراطية نظام جاء منذ زمن قديم ليحل مشكلة التضخم الذي أصاب الاقتصاد الألماني أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وكان الحل هو زيادة الإنتاج للمؤسسات الصناعية.

ولأن لكل مشكلة أسبابها أدرك (ماكس ويبر) عالم الاجتماع عوامل الضعف البشري من حيث عدم إمكانية الاعتماد الكامل عليه في اتخاذ القرارات؛ فوجد ضرورة وجود قواعد نظامية تضمن عدم تدخل المصالح الشخصية. كما أن تأثره من جانب آخر بالتنظيم العسكري - حيث كان ضابطاً في الجيش – جعله يعتقد بأن الفرد كائناً من كان يمكن أن يسير وفق أوامر وتعليمات صارمة، وبالتالي يمكن تطبيق هذا الأسلوب في جميع المجالات الإدارية.

وقد وصف هذا العالم الشهير (البيروقراطية) بأنها تتضمن تخصص عمل، وأنها تسلسل هرمي محدد للسلطة، ومجموعة من الإجراءات والقواعد الرسمية، وتفاعل موضوعي لا يقوم على العلاقات الإنسانية والشخصية، كما أن اختياراً للموظفين وتقدمهم وترقيتهم تقوم على أساس مبدأ الاستحقاق.. واستطاع (ويبر) بهذه القيم التنظيمية العادلة أن ينتشل الاقتصاد الألماني من حالة التضخم التي أصابته.. ومع ذلك ما زالت بضاعته تشوه من خلال ممارسات فوضوية ترتكز على نظم عقيمة لم يتم تطويرها.. يستخدمها موظفون متقاعسون للتنصل من المسؤولية والتكسب والفوقية.. والمستفيدون المتضررون لا يعرفون لهذه الحالة المائلة وصفاً سوى هذه (البيروقراطية).. كفى ياسادة.. إرحموا (البيروقراطية).. إنها نظام يقوم على مهام وصلاحيات وأدوار محددة ودقيقة للموظفين ضمن لوائح وإجراءات وقواعد مكتوبة، وليس الهدف منها تعقيد الإجراءات وتعطيل الأعمال.

إن ما نشاهده اليوم من جمود وروتين عقيم وإجراءات مطولة ومعقدة في بعض الجهات الحكومية إنما هو تطبيق لنظام قديم لا يلبي احتياجات العصر ولم يطوله التطوير، ولا أخاله تضمن تلك المبادئ الأساسية الجميلة التي جاء بها ماكس ويبر والتي أعطت اهتماما كبيراً لعملية اختيار القائد، وأكدت على أنها لا بد أن تبنى على الخبرة والمهارة والتأهيل.. نعم يا ماكس ويبر.. من رأس الهرم تتحقق النجاحات وتصبح (البيروقراطية) نظاماً محبباً لأنه يوازن بين السلطة والمسؤولية ويحقق العدالة الاجتماعية.