|


د.تركي العواد
محمد الشهلوب نصراوي
2015-04-29
نصرخ حتى تلتهب أحبالنا الصوتية.. يستفزنا التنافس الهلالي ـ النصراوي.. المسألة حياة أو موت.. جو مشحون.. مكهرب بالطاقة السلبية.. برائحة الكربون.. إنها حياتنا.. يا ذابح يا مذبوح.
في وسط الاحتقان المخلوط بالسموم يطل علينا الشلهوب.. كأنه نسمة باردة في عز القايلة.. كأنه ابتسامة طفل.. نحس أن الرياضة رائعة.. تذوب كل الفوارق.. ويصبح الهلال والنصر فريقا واحدا.
نعتقد أن الطيبة مفقرة.. نؤمن أن الطيب مسكين.. "مسيكين".. لا ينجح إلا "الذيب الامعط".. ولكن محمد غير القاعدة.. فالطيبون أيضا ينجحون.
قد يخدعه مرتزق أو مرتزقين.. متأكد أنه خسر ملايين بسبب الطيبة في مجتمع الذئاب ولكنه في الحقيقة كسب الملايين.. مكاسب لا تقدر بمال.. كسب احترام الناس وحبهم.. وكسبنا إحساسا رائعا ونحن نشاهده يركض في الملعب.. يكفينا حضوره.. وجوده دواء لمرض الغيرة المتفشي بين السعوديين.. يستحي الحقير من نفسه عندما يشاهد الشهلوب يحضن عامل نظافة في ملعب الملز.
لم يتفق الوسط الرياضي على رجل كما اتفق على الشهلوب.. إنه الظاهرة الأجمل.. هو البطولة الحقيقية للكرة السعودية.. هو الشخصية التي يحبها كل السعوديين.. رجال.. نساء.. شباب.. أطفال.. حتى العجايز يحبون الشهلوب.
أفخر بوجودي في وسط فيه الشهلوب.. رغم أنه يحسسني بقصوري.. بالشر المتفجر داخلي.. فعندما تنظر للشهلوب تراجع حساباتك وتحس أنك بالغت في الشر.. في الحقد.. في ظلم الناس.. إذا كان للحياة وجه أبيض فهو الشهلوب.
عندما نزل في مباراة الأسبوع الماضي.. خلع كريري شارة الكبتنية ومدها له.. عرفت قبل أن يرفض أنه سيرفض.. فهذا حال الشهلوب وهذا حال الطيبين.. لا يعرفون الأنانية.. لا يفكرون في أنفسهم.. لا يحسبون الحياة بموازين الربح والخسارة.. لهم طريقتهم الخاصة في التفكير.. هم الرابحون.. هم دائما الرابحون.
قبل سنوات وفي عز تألقه انتهى عقده.. دون مفاوضات اتفق مع الهلال على التجديد لمدة أربع سنوات بخمسة ملايين.. كان يستحق أكثر من خمسة ملايين.. ولكنه لم يفكر مرتين.. رفع يده قبل التوقيع وطلب زيادة سنة خامسة بنفس المبلغ وقال "السنة الخامسة هدية لجماهير الهلال".
ليتنا نتعلم من الشهلوب.. فهو نموذج يستحق الخلود.. اللهم زد من أمثال الشهلوب.
بعيدا عمن يبصقون.. ويركلون ويعضون.. بعيدا عن الفوز والخسارة ويقولون وما يقولون.. بعيدا عن العنصرية واحتقار الآخرين.. يظهر الشهلوب رافعا يده ليعطينا الأمل بأننا في زمن الطيبين.