|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
الأهلية للمدارس الحكومية
2015-05-29
أخذت ابني (إسماعيل) لأسجله في إحدى أفضل المدارس الخاصة المعروفة في الدمام.. الرسوم كانت مرتفعة جداً، والناس ما زالت تدفع.. قلت لنفسي لا بأس طالما أنه سيتعلم.. نستثمر فيه ليكون متميزاً.. التعليم بات المحرك الأساسي لنهضة الأمم وتقدمها.. لا نجهل ذلك ونحن نشهد كيف تفوقت دول عديدة بالتعليم لتحقق نهضة صناعية كبرى.. ها هي كوريا وماليزيا وتركيا ومن قبلها اليابان أمثلة حية.. أما الأوروبيون والأمريكان فهم الرواد في هذا المجال، ومن أراد أن يتأكد فعليه أن يذهب إلى بريطانيا، حيث كنت وعشت تجربة التعليم وواقعه من خلال أبنائي عبر ست سنوات، عدت بعدها إلى وطني أرفع صوتي أنافح من أجل هؤلاء المحبوسين بين دفتي كتاب.. المحكوم عليهم بحمل هذه الأرتال من الدفاتر والكتب في (حقيبة) تكسر الظهر.. (أشغال شاقة مؤبدة).. إنها الحياة التعليمية (التعيسة) التي أخرجت لنا جيلاً قديماً من (الكتبة) الذين لم يحسن أكثرهم قراءة وكتابة الحرف .. أما اليوم فقد مال الخط وشوه الرسم.. وما زال أكثر الناس يؤمنون بأن العلم لا يجنى إلا في المدارس الأهلية كما تسمى ولا أدري ما دلالة هذا الاسم.. هل ترى يشير إلى خصائص تربوية وعلمية تؤهلها لأن تمارس العمل التجاري من خلال التعليم؟.. أم أنها تبين ملكيتها الخاصة لأصحابها (أهلها)؟.. المهم أنني بت محتاراً واقعاً بين نار هذا (الفحش) في تكاليفها التي وصلت إلى ثلاثين ألف ريال لطالب في الصف الأول الابتدائي؛ وحرصي واهتمامي بأن يتعلم ابني في بيئة صحية ـ تربوياً وتعليمياً ـ وهي غير موجودة في المدارس الحكومية بلا استثناء.
وجود هذا العدد الكبير من المدارس الأهلية في البلد لا يمثل ظاهرة صحية، وإنما أضحى مبرراً لسوء حال المدارس الحكومية، والحل في تجارب تلك الدول التي ذكرتها، حيث كل المدارس فيها حكومية ولكن تدار بطريقة تتفوق فيها على المدارس الأهلية عندنا، فهي ـ إضافة إلى ارتفاع مستوى الأنشطة التعليمية الفكرية فيها ـ تهتم كثيراً بتقديم قدراً واسعاً ومتنوعاً من الأنشطة المهارية اللاصفية، ويتم تنفيذها خلال فترة الدراسة بالمدرسة.. كل شيء يوفر للطالب والطالبة لإنجاز العمل الفني بعد تدريب مسبق، وبدلاً من أن يبقى العمل في المدرسة يعود الطالب بعمله الفني إلى بيته.. فتارة تراه يحمل صندوقاً خشبياً جميلاً صنعه بيده.. ومرة يعود حاملاً طبقاً قد أعده في مطبخ المدرسة.. ومرة أخرى يعود إلى البيت ليقدم لأمه مزهرية جميلة صنعها من الفخار.. أما الرياضة عندهم فليست مجرد (كرة قدم) فقط، بل لا أبالغ لو قلت إن الطالب يستطيع أن يزاول معظم الألعاب الجماعية وكل الألعاب الفردية حسب رغبته.. وأماكن مزاولة هذه الألعاب الرياضية المتعددة موجودة بكثرة ويذهب إليها الطلبة من خلال نقل خاص بالمدرسة. أما دور معلم التربية البدنية فهو عملي وشاق لأنه إضافة إلى إشرافه على أداء الطلبة للتدريبات، يقوم بأدائها بنفسه، بل ويشاركهم اللعب.. وهذا المعلم رياضي موهوب ومؤهل.. ولا بد أن يكون كذلك لأنه سيكون المكتشف الأول للنجوم. إنها صورة جميلة نراها في بلدان كثيرة من هذا العالم الذي أضحى اليوم كما يقولون (قرية صغيرة)، ولا أدري متى ستكون حاضرة في كل المدارس الحكومية عندنا.. نعم متى تكتسب مدارسنا الحكومية أهليتها التعليمية والتربوية؟.