أحرص كثيراً كلما نفذت برنامجاً تدريبياً – قصيراً أو طويلا - على أن يكون التعارف بيننا بعيداً عن التقليدية.. أو كما يقولون (من خارج الصندوق) الذي تعارفنا عليه والذي عادة ما نخرج منه ببيانات (رسمية) لا تتجاوز الاسم، المسمى الوظيفي، والوظيفة الفعلية، والتي غالباً ما تكون مختلفة عن مسمى الوظيفة.
ترى هل أنت الشخص المناسب للوظيفة؟
(هيا تعال)!..
اطمئن.. لن آخذك في حصة تدريبية جامدة ومملة.. أريدك ـ فقط ـ أن تبوح بذلك الذي لم يسألك عنه مديرك يوماً.. اهتماماتك خارج إطار العمل الرسمي.. هواياتك التي تصرف لها كامل وقت فراغك وربما آثرتها على بعض التزاماتك.. إنه الحب الذي يصنع الإتقان؛ فلماذا يبقى خارج اهتمامات المدير؟!.. ألا يعلم (سعادته) بأن الموظف الموهوب أكثر قدرة على أداء العمل، إذا افترضنا ثبات قدرات الموظفين في أداء المتطلبات الأساسية للوظيفة؟!.. كم من مبدع موهوب أعطى قيمة أكبر للمنتجات والخدمات بعد أن وجد مجالا رحباً لاستثمار مواهبه في الوظيفة!.. وكم من موظف تقليدي بقي في عمل (مكرر) لم يكن الإغراق فيه لـ (يعلم الشطار) وإنما سيصنع منهم نسخاً (كربونية) ـ لموظفين (مفلسين) ـ إشارة إلى قدم الوسيلة ورداءة مخرجها في زمن (الثورة التقنية)!
تعالوا نعود لنقطة (البداية) في هذا السباق التنموي (الماراثوني) الذي ليس له (نهاية).. تعالوا نتساءل: كم من موهوب لم يتمكن من الدراسة في المجال الذي يحبه بسبب إصرار أبيه وأمه بأن يصبح مهندساً أو طبيباً أو طيارا؟!.. لا تبتئسوا يا أولاد، فلا دخل لكم بهذه النتيجة.. نحن من زرع في عقولكم وأفئدتكم ذلك الوهم (الكبير) الذي لا يدركه إلا النزر (اليسير) من الطلبة (الدوافير) كما نسميهم ونتبرأ منهم على طريقة (اللي ما يطول العنب يقول عنه حامض)!.. ها قد فاتكم (العنب) وهو قليل ولم تلحقوا بموسم (البلح).. وقد كان المعروض منه كثيرا!
لا بأس.. لنتعلم من درس التخطيط للموارد البشرية ما يجعلنا أكثر تحديداً للاحتياجات الوظيفية. ولنسع لإيجاد صيغة فاعلة من (الشراكة) مع المؤسسات التعليمية؛ لتسهيل ودعم تأهيل الطلبة في المجالات التي تستنهض استعداداتهم ومواهبهم بشكل (شامل) يتجاوز حدود (الشكلية) و(الدعائية).. أما وقد أصبحوا اليوم موظفين؛ فما عليك يا صاحبي (المدير) سوى أن تفتش في عقولهم وأفئدتهم عن تلك الخصائص الفريدة (المدفونة) بأمر (الروتين).. هيئ لهم فرص استثمار هذه المحركات - التي ظلت معطلة ـ ليساهموا في تطوير العمل وتحقيق (الجودة).. كن (أباً).. تفقدهم وتلمس احتياجاتهم وشجعهم على البوح فإن أحد أسرار نجاح الإدارة اليابانية ـ التي يضرب بها المثل في سوق الأعمال ـ أن المدير عندهم يعد أباً لعماله وموظفيه، يشملهم بعطفه، ويطبق ذلك عملياً فتجده يساهم في حل مشكلاتهم الاجتماعية، بل ويصل الأمر إلى حد مشاركتهم في اختيار أزواجهم؛ فلماذا بعد كل هذا الدلال لا يكون الموظف الياباني فخوراً بالانتساب إلى شركته أو مؤسسته؟!.. ولماذا لا يكون في النهاية ذلك الشخص المناسب في المكان المناسب؟!