|


د. حافظ المدلج
علمتني اليابان
2016-02-03
في جميع المناهج التي درّستها لطلابي بالجامعة، كنت أتوقف دوماً عند المدرسة اليابانية في الإدارة مشيداً بها واختلافها عن جميع المدارس بالعالم، وهذا الأسبوع أخبرتهم بأنني أتمنى أن تصبح الثقافة الخليجية في العمل مزيجاً من الثقافتين اليابانية والألمانية، ليقيني أنهما الأفضل في الشرق والغرب، وقد تعلمت منهما دروساً لا تنسى في الإدارة والرياضة ومنهج الحياة. ولذلك سأخصص مقال اليوم للحديث عن اليابان على أن يكون لألمانيا مقال قادم بإذن الله.
في نهائي كأس آسيا تحت 23 سنة، قدمت اليابان دروساً عظيمة تؤكد أن كرة القدم ليست مجرد مهارات نجوم وخطط مدربين، بل إنها تتعدى ذلك لشرح منهج الحياة الذي يميز اليابان ويجعلها مصدر إلهام واحترام لكل العالم، فقد كان الفريق الكوري الجنوبي أفضل في الشوط الأول وتقدم بهدف نظيف ثم بدأ الشوط الثاني بمضاعفة النتيجة معتقداً أنه قضى على حظوظ اليابان بالكأس الغالي، ولكن من يعرف ثقافة "الساموراي" يعلم أن الأمة التي نهضت بعد قنبلتين ذريتين لتقود العالم لن تعجز عن النهوض بعد هدفين كوريين لتفوز بالبطولة.
وهذا ما حدث بالفعل، إذ سجل اليابان هدفين متتاليين لتحقيق التعادل واختار الوقت المناسب لتسجيل الثالث وخطف اللقب فارضاً سيادته المستحقة على القارة الصفراء، وفي ذلك درس كبير في الإصرار والثقة بالنفس وعدم اليأس وغيرها من السمات الإنسانية التي تصنع الأبطال، كما أنها تعطي دلالة واضحة على ثقافة الجديّة والانضباط التي يحتاج إليها كل من يريد تحقيق النجاح في أي مجال، ولذلك أعترف بأنني استمتعت بالنهائي وكتبت "علمتني اليابان".

تغريدة tweet
"علمتني اليابان" خارج الملعب مثلما علمتني داخل المستطيل الأخضر، فقد كانت الجماهير اليابانية تشجع طوال المباراة برتم إيجابي واحد ساهم في تعزيز معنويات النجوم وتحفيزهم على العودة من بعيد للفوز بالبطولة، كما استوقفني منظر الدكة اليابانية المنضبطة التي لم تتخط خط التماس عند الاحتفال بالأهداف الثلاثة في بادرة تستحق التوقف والتأمل لأنها تعكس ثقافة مجتمع بأكمله، في حين كان احتياط ومدربو المنتخبات العربية يقتحمون الملعب بعشوائية وفوضى تعكس واقعنا الأليم بكل أسف، ولذلك أعتقد بأن عودتنا للبطولات لن تتحقق إلا من خلال تغيير الثقافة العامة للمجتمع وانعكاسها إيجابياً على المجتمع الرياضي، وعلى منصات مدرسة اليابان نلتقي.