|


سلطان رديف
إعلامنا .. وانعدام الرؤية
2016-03-13
لا أعرف من أين أبدأ عندما أريد الحديث عن الإعلام الرياضي، فهل أتأسف على غياب أساتذته عن ساحته أم أتأسف على من يشوهون صورته اليوم بطرحهم وفكرهم وتعصبهم وصراخهم الذي وصل لمراحل نخجل اليوم من مشاهدتها؟ ولكني في ذات الوقت لا أستطيع لوم هؤلاء، لأن هناك من سمح لهم بالظهور، ولأن هناك من صدرهم وجعلهم يتسيدون المنصات دون رقيب أو حسيب يلجم هذا الانفلات ويرحم مسامعنا من ذلك الصراخ ويحافظ على مشهدنا الحضاري.
ألم نعلم أن الإعلام ثقافة وعلم وأدب وحضارة وواجهة لمجتمعنا، يعكس ويؤثر ويتأثر، ينقل ويدعم ويصنع مستقبلاً ويُكون فكراً؟ وفوق كل هذا هو أمانة قول وقلم وساحة إبداع، فلماذا حولناه لميدان تعصب وحلبة للصراع وتصفية حسابات وقضايا شخصية؟ وجعلنا تلك المنصات بدلاً أن تكون منارات علم وثقافة وتنويراً ونقداً يثري أصبحت شتماً وتجريحاً وتهريجاً.
ألم نعلم أن الإعلام هو أخطر سلاح في زمن أصبحت وسائل الإعلام تدخل في تفاصيل حياتنا وتصل لكل فئات مجتمعنا صغيراً وكبيراً؟ فهل ما يحدث اليوم هو ما نريد تصديره؟ وهل وصلنا لمرحلة انعدام الرؤية لدرجة أننا لا نرى ما يحدث؟ وإذا لم نكن نرى ألا نسمع هذا الضجيج؟ فإعلامنا الرياضي يعاني اليوم هجرة من زمن الوعي إلى زمن اللاوعي، ومن زمن الفكر إلى اللافكر، ونحن في غربة عن المهنية والحياد والموضوعية طرحاً وأسلوباً وفكراً، فأصبحنا نضيع بين فئتين، الأولى تسير خلف (التهريج) والثانية تبحث عن (الضجيج).. فلا تلك ثقافة ولا هذا فكر.
ألم نعلم أن المفلسين يقولون نحن اليوم لم نعد في زمن المعلومة بل نحن في زمن الإثارة.. هل تعلمون لماذا؟ لأن الإثارة لا تحتاج جهداً ولا عملاً ولا اجتهاداً، بل تحتاج لمن تعلوا أصواتهم ويعتقدون أن حديثهم حوار والحوار منهم براء، ونسي هؤلاء أن الإعلام تكمن قوته ومصداقيته في امتلاك المعلومة الصحيحة.
ألم نعلم أننا نعيش اليوم حالة نفتقد فيها لعناصر مهمة في منظومة الإعلام؟ أولها ظهور جيل فاقد لعنصر الحياد والمصداقية، والذي يعني تحولاً سلبياً في الطرح، وذات الجيل امتهن أسلوب الإثارة الذي يعني مفاسد تغير في الثقافة، مما يؤدي لتكريس مفهوم التعصب الذي عندما يصبح ثقافة فعندها يغيب الحَرج والضمير.
ألم نعلم اليوم أننا يجب أن نستمع لصوت المجتمع الذي بدأ يتألم من هذا الطرح وتلك المنصات التي تكرس مفهوم الإثارة وثقافة التهريج؟ وأن نعمل لإعادة صياغة المنهج وإيقاف تلك الممارسات التي تشوه مجتمعنا أمام العالم، لأن هناك من لا يخجل من ذلك الظهور، ومنصات لا يهمها ما تصدره لتكسب على حساب المجتمع وذائقته وثقافته.
علينا اليوم أن نعلم أن الإعلام حضارة وواجهة نصدرها.. تؤثر في عمق المجتمع، فعلينا أن نراجع ماذا نصدر.