بعد غياب تجاوز الثلاثين عاماً عن منصة التتويج بالدوري الممتاز احتفلت القلعة الخضراء كما لم تحتفل من قبل بلقب طال انتظاره، فكان الحفل المهيب على قدر الإنجاز الرهيب، وأصبح عشاق الراقي يباهون جماهير الأندية السعودية باعتلاء المنصّة التي استعصت عليه زمناً طويلاً، وكأن الأهلي يعيد صياغة التاريخ ويكتب بمداد من ذهب ملحمة الإنجاز، والذهب قبل صياغته يسمى "التبر"، فكان أفضل وصف للأهلي "صمت دهراً ونطق تبراً".
لم تكن مفاجأة أن يفوز الأهلي بلقب هذا الموسم، بل إن أكبر المفاجآت طول غيابه عن هذا اللقب الأقوى وقد حققته أندية لا تملك مقومات القلعة، فالنادي الذي لم يخسر سوى مباراة واحدة في الدوري على مدى أكثر من عامين حري به أن يحقق بطولة هذه المسابقة لأنه الأحق بها، ولذلك كان اللقب المستحق انتصار للمنطق الذي نفرح بانتصاره في عالم الرياضة التي عودتنا على تحدي المنطق في بطولات فاز بها من لا يستحق وخسرها من هو أحق.
في الأهلي نجوم كثيرة شاركت في صناعة الإنجاز ولكن "عمر السومة" كان النجم الأبرز والأكثر مساهمة في تحقيق اللقب، وقد تتفقون معي بأنه كان العلامة الفارقة التي منحت التفوّق وجلبت الذهب، وفي ذلك رسالة لجميع الأندية السعودية لتحسن اختيار نجومها الأجانب وفق معطيات حاجة الفريق وفعالية أداء النجم بغض النظر عن جنسيته والنادي الذي جاء منه، فهناك أندية رفضت نجوماً مماثلة بحجة البحث عن التاريخ والتوهج والبرستيج، فتستكثر التوقيع مع نجم عربي وتفضل عليه أجانب لا تخدم الفريق ولا تحقق البطولات.
تغريدة tweet:
"الإدارة أولاً والإدارة أخيراً"، عبارة رددتها كثيراً ليقيني أنها الضلع الأهم في مثلث النجاح (المدرب واللاعبون والإدارة)، حيث إن أهم القرارات المفصلية التي تصنع الفارق بين النجاح والفشل هي من صنع الإدارة، ولذلك أكاد أجزم بأن عودة المهندس طارق كيال للإشراف الإداري على الفريق كانت أهم عوامل نجاح الأهلي بالفوز بلقب الدوري والوصول لنهائي كأس الملك، فالصديق "أبو راكان" إداري متمكن يجيد ضبط الأمور والتوفيق بين متطلبات المدرب واحتياجات النجوم، وربما كانت بصمته الأوضح في إعادة النجوم إلى أرض الواقع بعد أن حلقوا في سماء الفوز بالدوري فتمكنوا من إخراج الهلال من الكأس، وعلى منصات التتويج نلتقي.