|


سلطان رديف
متخلف ومتعصب
2016-06-19
يعاتبني صديقي ويسألني لماذا لا تكون مثلهم متعصباً؟ ثم يبدأ الحديث بلغة الناصح ويهمس في أذني: ألا تريد الجمهور؟ دعك من لغة العقل وتحدث بلغة المتعصبين، أعلن ميولك، أخرج في كل قناة وتحدث عن ناديك، اختر مفردات تٌسقط بها على هذا وذاك وهنا وهناك، وقلل من الأندية المنافسة وسجل بطولات تعصبية في التلفاز، وعلى المنصات الإعلامية الأخرى ارفع صوتك واشتم بأدب أو بغير أدب، المهم أن يتم تحميل مقطعك مليون مرة، وأن ينتشر ويشاهد في كل جهاز وأن يكون حديث الساعة، سخر قلمك وصوتك وجهدك وفكرك وعقلك في كيفية إثارة الجمهور المنافس وبالعامية (تطقطق عليهم) وعلى ناديهم ورئيسهم وأعضاء شرفهم، أضرب في كل اتجاه لتصبح بطلاً في عالم إعلامهم ومجتمعهم، وختم ليقول: أنظر لي لم أتجاوز سنة وكل أعضاء شرف وجمهور النادي يعرفوني لأنني أحمل لواء التعصب ولا أكتب إلا بلغة التعصب.
أدرت عنه سمعي وبصري وقلت هذا هو التخلف بعينه، لذلك نحن نتراجع ولا نتطور، وإعلامنا يسقط ولا ينهض، وأنديتنا لا تعرف إلا البطولات المحلية، ومنتخباتنا تراجعت وتركت منصات التتويج لأن ثقافتنا لم تتجاوز النادي، وفكرنا غاص في وحل التعصب، وبعض إعلامنا مختطف تديره عقول لا تتجاوز أفكارهم وثقافتهم عناوين التعصب ولغتها، وقنواتنا تستقطب المهرجين هنا وهناك، فأصبحت برامجنا تحاكي ثقافة تعود لزمن الجاهلية فأصبحنا جهالاً في زمن الصناعة والعلم ومفلسين في زمن الاستثمار والاقتصاد.
قلت له: ألا تنظر إلى وطني ماذا يحدث فيه؟ ألا تقرأ رؤية ملك تحول وتطور في الزمان والمكان في العقل والإنسان في الثقافة في العلم والتعليم في الاقتصاد والصحة ولم ينس الرياضة ممارسة واحترافا صناعة واستثمارا فكراً وعملاً وإعلاماً، وكل هذا من يقوده من يفكر ويعمل من يخطط ويبني حضارة واقتصادا، أليست روح الشباب وهمتهم، وبلا أدنى شك أنت تعرف محمد بن سلمان، فهو من عمل فأنجز وصنع فأجاد واستنهض روح الشباب في كل الشباب.
هل بعد كل هذا تريد مني أن أعود لزمن الجاهلية تعصباً وتخلفاً، وأن ألغي عقلي وفكري ولا أكون جزءاً يبني في مستقبل وطني؟ هل تريد مني أن أكون في منظومة لا تسود إلا جهلها ولا تُصدر إلا تخلفها ولا تبني مستقبلاً ويصفق لهم الجهال؟
أبداً لن أكون كما تريد بل سأكون كيف ما يريد مني وطني عندما أعمل أبدع وعندما أقول أُسمع وأبني ولا أهدم، أفكر أخطط لحاضر أعيش فيه وأسعى لمستقبل مجتمع يعيش فيه أبنائي، فالقلم أمانه والكلمة مسؤولية والوطن قلب ينبض بحياتنا جميعاً علينا أن نحميه فكراً وعملاً وثقافة في كل مجال، وعلينا أن نصنع الرسالة التي نريد من شبابنا أن يحملوها للمستقبل وللأجيال القادمة، فما نزرعه اليوم هو طعامنا غداً.