عندما انعقد ملتقى تحسين بيئة الملاعب السعودية في فبراير 2016 بمشاركة مسؤولي الاستثمار في الأندية وممثلي الشركات المستثمرة ومديري الملاعب الرئيسية .. تمت مناقشة بعض العوائق التي تعيق الأندية والمستثمرين والمسؤولين عن تحسين بيئة الملاعب والخدمات المصاحبة للمباريات .. وقد صرح الرئيس العام وقتها بأنه حان الوقت لإيجاد تجربة سعودية في تشجيع الجماهير على حضور المباريات وذلك بتهيئة الملاعب وتجهيزها للاستمتاع بمرافقها وبرامجها المصاحبة وضرورة تغيير واقع ملاعبنا الرياضية وتحويلها إلى جوانب جذب لمرتاديها ووضع الخطة المناسبة لتطويرها واستكمال جوانب النقص فيها .. أصبحت كرة القدم صناعة عالمية تنفق عليها مئات المليارات لتحقيق إيرادات مجزية .. شركات ومستثمرون حول العالم يتسابقون لاستثمار مئات الملايين من خلال الاستثمار في البنى التحتية الرياضية.
عالمياً وعلى سبيل المثال.. وعلى الرغم من شعبية الدوري الإيطالي إلا أن أنديته فشلت في الاستفادة من الشغف الجماهيري لزيادة دخلها ورفع إيراداتها من خلال حضورهم للمباريات .. يظهر ذلك من خلال الفوارق الواضحة والكبيرة في الإيرادات بين الأندية الإيطالية وأندية أوروبا الكبرى .. كما أن الإقبال على شراء التذاكر الموسمية للمباريات ضعيف جداً والجماهير ليس لديهم الرغبة في شراء أي منتجات خاصة بأنديتهم .. وتشير الأرقام والأحصائيات إلى أن مداخيل أيام المباريات تشكل 11% من إجمالي إيرادات أندية الدوري الإيطالي البالغة 1.7 مليار يورو.. وذلك مقارنة بمباريات الدوري الإسباني التي تصل فيها مداخيل التذاكر إلى 20% من أصل 1.9 مليار يورو.. وفي الدوري الألماني تتجاوز 21% من إجمالي الإيرادات التي تصل قيمتها إلى 1.9 مليار يورو.. فيما تتجاوز مداخيل التذاكر في الدوري الإنجليزي 19% من إجمالي إيرادات البريميرليج البالغة 3.9 مليار يورو.. ولهذا رأى الاتحاد الإيطالي لكرة القدم أن ملاعب إيطاليا تعاني من تدهور وتراجع في خدماتها نظير عمرها القديم مقارنة بباقي الدول الأوروبية الكبرى .. ولذلك تقدم اتحاد كرة القدم في إيطاليا بطلب للحصول على تمويل من أحد البنوك بما يعادل 80 مليون يورو للمساعدة على تحسين الملاعب وتم صرف قيمة التمويل بفوائد مخفضة للأندية والمجالس البلدية التي تملك الملاعب والتي تطلبت تحسينات عاجلة مثل: زيادة السعة والمعايير الصحية فيها ومعايير كفاءة الطاقة إضافة إلى وجود أنشطة مصاحبة مثل متاحف الأندية والمطاعم القريبة والمتجر الرسمي وأشياء أخرى متنوعة .. وذلك لجذب الجماهير عبر تطوير بيئة محسنة ليوم المباراة وتوفير مايحتاجون بسعر مناسب مع وجود بدائل أسهل وأفضل وأقل تكلفة من متابعة المباريات في المنازل أو المقاهى أو الأماكن العامة.. وقد يتطلب الأمر بناء ملاعب جديدة كما فعل يوفنتوس وروما..
في مقال سابق بعنوان: الاستثمار الرياضي .. إلى أين؟ تحدثت عن الاستثمارات الرياضية الخليجية في أوروبا وكيف أنها لا تبحث فقط عن العوائد المالية بل استهدفت إيجاد مكانة خاصة لبناء علامة تجارية قوية من خلال ارتباطها بالعلامات التجارية لعدد من الأندية الأوروبية الكبيرة .. حيث تجاوزت الاستثمارات الخليجية الــ160 مليون يورو موسم 2015 وتمت تسمية بعض الملاعب بأسماء الشركات كإطلاق اسم "الإمارات" على ملعب أرسنال الجديد لمدة 15 عاماً وتسمية ستاد مانشستر سيتي باسم ستاد "الاتحاد" ولمدة عشر سنوات بموجب توقيع اتفاقية شراكة مع طيران الاتحاد .. ولذلك يجب على الهيئة العامة للرياضة ومع قرب تطبيق مشروع الخصخصة أن تحفز هؤلاء المستثمرين للاستثمار في منشآتنا الرياضية واستعجال تنفيذ المشاريع المتأخرة كالبوابات الإلكترونية وترقيم المقاعد حتى نتمكن من مواكبة الدول المتقدمة والمساهمة في تنفيذ رؤية 2030 وخطة التحول الوطني.