|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
كذبة اسمها (الجودة)
2016-07-29

ما شاهدته في (جلاسكو) من مظاهر مبهجة للمدنية والرقي الحقيقي طوال ست سنوات قضيتها فيها ـ ما زال باقياً ألمسه في كل مرة أزور فيها هذه المدينة الإسكتلندية الجميلة. إنه المعنى الحقيقي للجودة التي ما برحنا نرددها منذ زمن ولا نرى لها (طحيناً).. الجودة ليست لوحات حائطية في مداخل الأجهزة الحكومية، ولا كتيبات منشورة، ولا أحاديث في مؤتمرات، ولا قرارات محاضر اجتماعات مكتوبة على أوراق فاخرة.. الجودة معايير ثابتة لكل شيء، لا تقبل التغيير سوى للأفضل، وتحظى باحترام الجميع.. في الشارع نراها نظاماً لا تحيد عنه السيارات والدراجات والمشاة.. انظروا إلى قرار قيادة السيارة عندنا.. إنه لا يختلف كثيراً عن قرار قيادة سيارة (السكوتر) التي يكثر فيها التصادم في أماكن الألعاب الترفيهية.

هذا العدد المفزع من حوادث السيارات يشهد بذلك.. ما المشكلة؟.. لماذا ما زلنا نعاني في هذا الشأن؟.. كل من جرب قيادة السيارة في الخارج لا بد أن يلمس الفارق الواضح بيننا وبينهم في هذا الجانب الحيوي المهم، الذي لا شك أنه يعطي مؤشراً على أوضاعنا الأخرى.. الجودة في التعليم، مدارس مهيأة ببيئة تعليمية نموذجية ومناهج متوازنة ووسائل تعليمية متكاملة، وبالطبع معلمون أكفاء محبون لمهنتهم. الجودة في الأسواق أصناف ليس فيها غش، وتجار يقدرون المشتري ولا يرغمونه على سلعة لا تناسبه وغير سعيد بها.. يمنحونه فرصة لإعادتها في مدة تمتد لـ (28) يوماً. الجودة في الصناعة منتجات محلية تنافس المستورد وتفوق عليه، وهي تباع في المحلات الفاخرة ومحلات البضائع المخفضة على حد سواء.. الكل يبحث عما يناسب دخله ويحظى بالاهتمام؛ فلا تلاعب في الجودة. الجودة في الخدمات العامة شعارها التنافس بين عدة شركات لتقديم الخدمة للناس مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وارتفاع في جودة الخدمة. الجودة في الصحة خدمات تقدم للجميع دون تمييز، ويتساوى فيها العارض والمستديم من الأمراض.

هذه هي الجودة التي بقيت (ترفاً فكرياً) نمارسه بلا مسؤولية، نأتي إلى مثل هذه البلاد المتقدمة للحصول عليها ولكننا نعود (بخفي حنين)..

إنني أتساءل: ألم يستطع نفر ممن عادوا إلى الوطن بعد الدراسة في الخارج من أن يحملوا إلينا نموذجاً لما تطبقه هذه البلدان الغربية المتطورة في أنظمة المرور وباقي المجالات الأخرى ليطبق عندنا؟.. أم أن حقائب هؤلاء المبتعثين عادت خالية من ذلك المفيد الذي ينتظره مجتمعهم. إنني أتساءل: كم الذين ذهبوا ينهلون العلم في البلدان المتقدمة؟.. كم يبلغ عدد الذين عادوا وهم يحملون الماجستير والدكتوراه من هذه الدول التي سبقتنا في مجالات حيوية عديدة؟ والله إنني لآسى على هذه البعثات التي لم تحل مشاكلنا. وعي الفرد الذي دائماً ما نعلق إخفاقاتنا عليه يبدو فكرة سخيفة، في ظل غياب (المعايير المهنية) التي يقيم على أساسها العمل، والأهم من ذلك تفعيلها ومتابعة تنفيذها.. هل سمعتم بمن يطبق معايير مهنية لقياس أداء العمل؟!.. إنها إذاً العلاقات الشخصية تغيب المصلحة العامة، تضعها في المرتبة (العاشرة).. في الدول المتقدمة يستثمرون العلاقات الإنسانية لتعزيز التعاون بين الأفراد وزيادة فاعلية العمل ومعدلات الإنتاج، أما في الدول (النائمة) فالعلاقات الشخصية تصيب العمل في (مقتل) لأنها تقدم أفراداً غير صالحين على حساب آخرين مبدعين يتمتعون بمؤهلات وإمكانات أفضل.. ها قد وصلنا لمربط الفرس.

 

تغريدة:

لا أحد يقرأ ولا حتى يريد أن يفهم.. الكل مشغول بالوصول.