قبل أيام تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها مقطع مشاركة العداءة السعودية سارة عطار في مسابقة الجري لمسافة 800 متر.
الكثيرون تندروا وسخروا منها لأنها حققت المركز الأخير وبفارق كبير عن آخر مشاركة في السباق.. ورغم وجود مسألة خلافية بين الفقهاء في مسألة تغطية الوجه وكشفه، إلا أنني أرفع لها قبعة احترام وتقدير لالتزامها بحجابها وسترها.. نعم كانت الأخيرة في السباق ولكنها المتسابقة الأولى التي تتذيل سباقاً عالمياً وتحظى بتشجيع ومساندة عشرات الآلاف من الحضور الجماهيري في مدرجات الأولمبياد.. بل إن حرارة التصفيق تجاوزت بمراحل تلك التي نالتها صاحبة الميدالية الذهبية ذاتها.. رسالة بليغة قدمتها (سارة) للعالم (سأشارك ولم يمنعني حجابي)، تحدت جميع الأسوار والقوانين وستجعل جميع من شاهدنها من نساء العالم (غير المسلمات) يبحثن عن سبب ارتداء هذا الزي الذي أثقلها أثناء الركض فباتت الأخيرة، وأنا على يقين أنها ستكون سبباً في إسلام الكثيرات منهن.. وقد نشاهد ظاهرة الحجاب تتكرر في أولمبياد قادمة.. والسبب (سارة) التي قدمت درساً باان وصفعت كل ناقد وساخر.
بالعودة لمقالي الأسبوع الماضي بعنوان: "ريمة (الأميرة) شعلة (منيرة)" الذي أشرت فيه بأن ملف "الرياضة النسائية" يعتبر من أكثر الملفات جدلاً في السعودية بين مؤيدين للطرح ومعارضين، حيث يطالب البعض بضرورة تفعيل أنشطة الأندية النسائية.. بينما الغالبية العظمى تعارض وتطالب بمنعها، فيما ذهب البعض إلى إمكانية تطبيقها وفق ضوابط محددة متوافقة بالشريعة الإسلامية.
بحثت وتعمقت كثيراً في ضوابط ومشروعية الرياضة النسائية.. بداية فإن حكم الرياضة في الإسلام الجواز والاستحباب بالعموم المطلق للجنسين ذكوراً وإناثاً وهو الأرجح من أقوال أهل العلم، حيث لم يجد أي نص شرعي يمنع المرأة من ممارسة الرياضة بأنواعها لما فيها من التدريب وتنشيط الأبدان وتقوية الأرواح .. وقد كانت النساء تزاولن ركوب الخيل بل بعضهن تفوق في الفروسية على الرجال، وشهد التاريخ مشاركة بعض النساء في الغزوات والقتال بالسيف والرماية بالسهام .. حتى إن عائشة رضي الله عنها قالت إنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني" فقال: "هذه بتلك" رواه الإمام أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني.
ويجب ألا تقع المرأة أثناء ممارستها للرياضة في االفات الشرعية مثل كشف العورة .. والمعروف أن عورة المرأة أمام الرجال هي كل بدنها ما عدا الوجه والكفين .. ويرى الفقهاء أنه لا مانع من ذهابهن للنوادي الرياضية وممارسة الرياضة شريطة عدم الاختلاط بالرجال وأن يكون المكان مستوراً عن الأعين وألا يكون هناك أي نوع من التصوير لنقل هذه المشاهد الرياضية إلى الخارج .. مع ضرورة تكليف الثقات من النساء على مثل هذه المناشط مع المتابعة التامة وملاحظة التجاوزات لتلافيها .. كما يجب أن تكون الرياضة التي تمارسها تناسب المرأة من حيث خلقتها وفطرتها التي فطرها الله عليها بما لايتعارض مع أنوثتها بعيداً عن الرياضات العنيفة التي تؤثر على جسمها وربما أفقدتها بعض الخصائص التي أودعها الله فيها دون أن تلحق الأذى بها .. سبق أن ذكرت أن هذا الحمل على وكيلة الرياضة النسائية (أميرة الرياضة) سيكون ثقيلاً وثقيلاً جداً لتطبيق الرياضه النسائية بما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وبما لايخالف أسس مجتمعنا المحافظ الذي يتبلور حول المرأة كركيزة أساسية ك(أم) و(أخت) و(زوجة).
دعونا نتفاءل بالقادم ولا نستعجل النقد.. فالنساء شقائق الرجال (كما ذكر في الحديث)، وهن بالتأكيد يستحققن الدعم والتأييد ..
ختاماً: شكراً (سارة) من الأعماق.