|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





وحيد بغدادي
سر.. السيدة العجوز
2016-09-28
في الآونة الأخيرة لفتت انتباهي ظاهرة المراهقة المتأخرة لبعض من كنا نظنهم عقلاء! وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في حياتهم الخاصة على السواء من خلال ارتكابهم للحماقات بشكل متكرر.. والغريب أن مثل هذه التصرفات لن تضيف لشخصياتهم أي جديد بل على العكس هي سبب استهجان وانتقاد من حولهم.. لأن أسوأ شيء هو حدوث المراهقة بعد الخمس والثلاثين بالوقت الذي يفترض أن يبلغ العقل كامل نضوجه وحكمته.. فتجد البعض يعيش مراهقة متأخرة وبصورة غريبة وتنعكس على كل شيء في حياته ويظن فرحاً (أنه/ أنها) يعيش أفضل أيام حياته.. وقديماً قالوا في الأمثال (العجوز لما تتدلع.. مثل الخشب لما يتخلع).. مقدمتي ماهي إلا تمهيد لظاهرة بدأت تنتشر في مجتمعنا.. بل إن أصحاب الستين والسبعين من أعمارهم باتوا يعيشون سن المراهقة.. فهل نظام حياتنا اليومي له أثر في ذلك أم أن ضغوطات الحياة وأسلوب تعايشنا مع مشاكلنا هي السبب! وهل علاقتنا بممارسة الرياضه لها تأثير؟ البعض لا يعرف من الرياضة إلا اسمها بل إن البعض لا يمارسها على الإطلاق ويكتفي فقط بمتابعة أحداث مباريات كرة القدم.
لقب (السيدة العجوز) فيما لو أطلقناه اليوم على أي سيدة بالمجتمع لثارت وانفعلت وتعاملت مع الموضوع على أنه إهانة ليس بعدها إهانة.. نعم هو كذلك لأننا ربطنا هذا اللقب بــ(الخرف) ولون الشعر الأبيض وكبر السن وتجاعيد الوجه وأصبحنا نتعامل مع تقدمنا في العمر على أنه كارثة وأننا يجب أن نهرب من ذلك ببعض التصرفات الطائشة أو الأعمال الصبيانية والطفولية فتفكك المجتمع وانتشرت المشاكل انتشار النار في الهشيم.. رياضياً ارتبط لقب (السيدة العجوز) بمتصدر الدوري الإيطالي حالياً نادي يوفنتوس ويعود ذلك لعراقة وتاريخ هذا النادي رغم أنه لا يوجد تشابه في أي شيء بين كلمة يوفينتوس والسيدة العجوز.. كما أن كلمة "العجوز" تناقض تماماً معنى كلمة يوفنتوس باللاتينية وهي "الشباب".. والحقيقة أن سبب التسمية يعود إلى السيدة "إيلينا" التي كانت تسكن في مدينة تورينو الإيطالية وتهتم برعاية 13 طفلاً يلعبون أمام منزلها باستمرار، حيث كانت تحضر لهم الطعام والشراب لحبها الشديد بهم وبلعبة كرة القدم.. وبعد ذلك انضم 8 من هؤلاء الأطفال إلى النادي بعد تأسيسه مباشرةً، وواصلت السيدة تشجيعها للأطفال وكانت تتابع جميع الحصص التدريبية وتحضر لهم الطعام باستمرار للملعب، وعندما كانوا يسجلون أي هدف كانوا يهتفون بكلمة "لافيكيا سنيورا" أي السيدة العجوز لحبهم الشديد لهذه المرأة التي كانت كبيرة في السن.. وكان الجميع يحضر من كل بقاع تورينو لمشاهدتهم يلعبون.. مرت الأيام ولم يبق من أولئك الأطفال سوى طفل واحد يدعى "ألبيرتو فلاسكي" ما ميز الطفل هو أنه اللاعب الوحيد من بين الـ8 الذين لعبوا للفريق الأول.. وفي عام 1908 أقيمت مباراة جمعت بين يوفينتوس وتورينو، في ذات اليوم الذي أنشئ فيه النادي، وتم إطلاق لقب السيدة العجوز على الفريق نسبة للسيدة "إيلينا" ودورها الفعال في شهرة النادي عبر مساعدتها للأطفال الثمانية.
دائماً ما نهرب من بعض الألقاب أو نتصنع حقيقة البعض متسابقين للحصول عليها.. متجاهلين في الحقيقة أننا نحن فقط من نصنع للألقاب قيمة.. ونحن من يجرد اللقب من أهميته وبالمقابل قد نضيف له الكثير.. ولهذا تختلف الثقافات من مكان لآخر في التعاطي مع الألقاب والمسميات متجاهلين أن العمل الاحترافي والإنجازات والإخلاص ومراقبة الله لتحقيق ما نريد هي فقط التي سوف تقودنا لصناعة ما نريد.. ولذلك فقد سبقنا الآخرون من حولنا وما زلنا نتراجع خطوات للخلف وهو أمر واضح جلياً في كرة القدم كذلك.