|


سلطان رديف
لا تضيعوا الأخلاق
2016-10-02
عندما أضع أمامي عددا من القضايا التي شهدها الوسط الرياضي خلال الفترة الماضية وأراجع ردة الفعل حولها فإنني لا أصل إلا لنتيجة واحدة، أن عددا قليلا جداً تجد لهم ردة فعل متزنة تسعى لعلاج القضية أو الحادثة بلغة النقد الراقية التي تساهم في إيجاد تشخيص للخطأ بشكل إيجابي يبرز وجهاً حضارياً للغة الحوار والنقد داخل مجتمعنا الرياضي.
أشعر أننا اليوم نواجه ما هو أخطر من التعصب الذي هو ثقافة منبوذة ثقافياً واجتماعياً وفكرياً ودينياً، ولكن أن يصل البعض لمرحلة أعلى من التعصب بتجاوز الأدب الأخلاقي في النقد فهذا لا شك أنه مؤشر خطير، وأنا لا أتحدث اليوم عن عامة الجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصة لأكثر من ذلك ولكني أتحدث عمن يظهر عبر شاشات التلفاز ومنصات إعلامية رسمية أو شخصية بصفة الناقد أو المسؤول ليعلق على هذه القضية أو تلك فعليه أن يحترم ذائقة المجتمع وكرامة الفرد، فلا يمكن أن أقبل من رجل مسؤول أو إعلامي محترف أن يخرج ليقول هذا رجل كذاب أو ذاك مسؤول جبان مهما وصلنا من اختلاف في الرأي، فعلاج الخطأ لا يمكن أن يقبل بخطأ آخر، وهنا لا ألوم هذا الشخص أو ذاك بحد ذاته ولكن ألوم الجهة التي خرج فيها أو المنظومة التي ينتمي لها أن تقبل بمثل هذا الطرح، فالإعلامي هو شخص ينتمي لكيان إعلامي أو يظهر عبر منصة إعلامية والمسؤول هو شخص يعمل في إطار منظومة ولا تعفى أي جهة من محاسبة المتجاوز حتى لو خرج بإساءته عبر ما يسمى بالحسابات الشخصية، فهو أولاً وآخرا يمثل هذه الجهة أو تلك بانتمائه لها ومحاسبته ومنعه هو مسؤولية اجتماعية وأخلاقية وأمانة ثقافية قبل أن تكون مسؤولية قانونية إدارية.
لا أحبذ تلك الثقافة التي تتفشى في ذهن الكثير بأننا نتحدث عن الرياضة، وعندما نتحدث في إطار الرياضة فنحن أمام سقف لا حدود له من النقد وهو السبب الذي جعل البعض يطلق عبارات وصفات لأشخاص وكيانات لا تليق وعلينا ألا نلوم عامة الجمهور عندما يتجاوز متى ما كان يشاهد تلك التجاوزات عبر منصات رسمية، ومن شخصيات لها صفاتها الاعتبارية، فالرياضة أخلاق عندما تنعدم فلا قيمة للمنافسة، وكل منا مسؤول ويحمل أمانة القلم والكلمة وأمانة مجتمع، وثقافة جيل، ومحاربة تلك الظاهرة أصبحت اليوم واجبة علينا لأننا نمثل مجتمعاً يعرف قيمة الأخلاق وأهميتها التي هي قاعدة في التعامل والتعايش والتحاور، ومجتمع بلا أخلاق يعني مساحة للغوغائية وهدماً للقيم، ولعلي مؤمن تماماً أننا جميعاً نتفق على أهمية هذا الأمر، ولكن علينا أن نمارسه قولاً وعملاً ونصحاً وتوجيهاً، نبدأ بأنفسنا وبمن حولنا ومن هم تحت مسؤوليتنا، فالأخلاق رفعة وعطاء وحضارة ودين.