|


سعد المهدي
لا تنتظروا المدرب السعودي.. لكن طوروه
2017-01-29

تدريب الفرق الرياضية من المهن التي لم يتم توطينها بالكامل في أي بلد في العالم، هذا يعني أن هذا العمل لا تحكمه ضوابط تقنن مواصفات أو جنسية المدرب، وأن لا مكان لتوطين هذه المهنة في سوق العمل؛ لذا تجد الإيطالي في إنجلترا والإسباني في فرنسا والتشيلي في الأرغواي، وجنسيات لا حصر لها تنتشر في آسيا وإفريقيا والعالم كله.

 

المدرب الرياضي قدرات وخلاصة تجارب، وملكة وتأهيل وتطوير مستمر للذات، وشخصية تحمل في تفاصيلها ميزة القبول والتقبل والإقناع والاقتناع، والقدرة على تحمل الضغوط، وحسن التصرف مع الأندية والإعلام والجماهير والحكام والأنظمة والعقود وآلية المسابقات، وطبيعة المجتمعات واختلاف البيئة والمناخ، أشياء كثيرة تؤثر في صناعة المدرب القادر على العمل والمهيأ للنجاح. أيضا كل ما سبق قد لا يلتفت إليه إذا أراد النادي أو المنتخب أن يختار اسمًا محددًا ليتعاقد معه، لا يملك نصف أو ربع ما تم ذكره!.

 

التدريب يتطور نظريًّا وتقنيًّا، ويتم إجازة المدربين برخص متدرجة، وتنشئ المعاهد المتخصصة للتدريب وعلومه خلاف كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة وغيرها، لكن لا يعني هذا أن كل من يتخرجون منها يمكن أن يمارسوا مهنة التدريب، وإن فعلوا ذلك فليس بالضرورة أن ينجحوا، ولو نجحوا فإنه بتفاوت بينهم، ثم إن ذلك كله ـ وهذا الأهم ـ لا يعني للأندية شيئًا؛ فهي تبحث عن المناسب لها بما تراه من منظور لا يأخذ مما قلناه إلا ما قد يفرضه نظام المسابقة، كشرط الحصول مثلاً على ترخيص بدرجة معينة لقبول التعاقد.

 

المدرب المحترف الذي يجعل هذه المهنة مصدر رزقه الوحيد، ويصل إلى ذلك هو شخص تجاوز الكثير من حالة التردد والخوف الذي يبدو عليه بعض ممن يمارسون هذا العمل كهواة أو احتراف جزئي، لكن الذي وصل اضطر للتخلي عن كثير من الضمانات التي يمكن لها أن تؤمن دخله وإن كان قليلاً، إلى ساحة الدخل بسقفه المفتوح وجغرافيته اللامحدودة، وهذا اختيار لا يمكن أن يتاح لأي أحد ممن يرغبون أن يكون لهم شأن أو اسم ما لم يكن في الأساس مؤمناً بالكلية بالمهنة خيرها وشرها، ويملك من مواصفات النجاح أكثر من الفشل.

 

المدربون السعوديون في مجال لعبة كرة القدم بالمئات، هؤلاء من حصلوا على رخص التدريب بفئاتها المختلفة من المبتدئة إلى الاحترافية، لكن المحترفين منهم قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، ومن يعمل منهم أقل من الخمسة، وأكثر ما يشتكون منه هو سطوة الجنسيات العربية الأخرى على فرص العمل، وما سيساهم في استمرار هذه المعاناة كما يصفونها هي أنهم يعتقدون أن الحل يجب أن يكون بفرضهم على الأندية، من خلال سن قوانين تضمن ذلك، وهذا لا أظنه حلاً، بل وينتقص من كرامتهم المهنية.

 

كل الذين يطالبون بأن يتولى تدريب المنتخبات مدربون سعوديون لا يفعلون ذلك مع الأندية حتى تلك التي يمضي عليها أشهر دون مدربين في انتظار القادم من القارة الأخرى، إن المطالبة بالاهتمام وتطوير التدريب والمدربين في البلاد يختلف عن الاعتقاد بأن ذلك من أجل أن يحلوا بدلاً عن الجنسيات الأخرى، هذا لم يحدث حتى في البلدان التي اخترعت اللعبة أو التي طورتها، أو من حققت بها كل الأمجاد.