|


إبراهيم بكري
التعصب الرياضي إرهاب الملاعب
2017-02-01

الأصل في الرياضة أنها تهذيب للنفس البشرية، وليس قيادتها إلى مواطن المعاناة، فكم كانت رياضتنا "أرضاً جاذبة" للكثيرين للعمل فيها، لكن نراها اليوم "أرضاً طاردة" وغير مغرية للتناغم معها، الكثير من الكوادر الوطنية المؤهلة ترفض العمل في المجال الرياضي بسبب التعصب الرياضي السائد في هذا المجال. 

 

"حالة تطرف في الآراء لصالح نادٍ رياضي أو أندية ضد ناد آخر من الدولة أو المنطقة نفسها، وعادة ما يكون ذلك مصحوباً بالإساءة والاستهزاء والسخرية والاتهامات والتجريح غير المبرر، وبشكل يقضي على جمالية اللعبة الرياضية والتنافس الشريف".. هذا هو التعريف العلمي لمصطلح التعصب الرياضي. 

 

يعتبر "إرهاب الملاعب" التعصب الرياضي مشكلة أزلية في تاريخ الرياضة، ومنها الأحداث المؤسفة التي حدثت في عام 1964م في التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو بقارة أمريكا الجنوبية، فبسبب هذا التعصب الرياضي قتل 300 مشجع في مباراة منتخبي الأرجنتين والبيرو. وأبعد من ذلك لك أن تتخيل ما حدث في تصفيات كأس العالم عام 1970م بسبب مباراة كرة قدم بين منتخبَي السلفادور والهندوراس، قتل 3000 شخص في حرب اندلعت بين الدولتين، استمرت لمدة أربعة أيام، كان "التعصب الرياضي" هو رأس الفتنة والشرارة الأولى التي أشعلت فتيل الحرب، والتي تسمى "حرب كرة القدم". 

 

ولن تكفي هذه المساحة من السطور لسرد كل الأحداث المؤسفة التي شوهت جمالية كرة القدم، ولعل آخر هذه الحوادث ما حصل مؤخراً في ملعب بورسعيد بجمهورية مصر 74 قتيلاً و248 مصابا. 

 

لا يبقى إلا أن أقول:

 

الإعلام الرياضي في السعودية من سنوات طويلة يشحن الجماهير بمرض "التعصب الرياضي"، وفي عصر تويتر صارت العدوى بالإصابة أسرع من أي وقت مضى.

 

140 حرفاً في تغريدة تشعل النار في مدرج ناد ضد منافس آخر، حتى الآن الملاعب السعودية لم تسجل حالات شغب بين الجماهير لكن من يقرأ تاريخ الدول الأخرى التي تجرعت معاناة الأحداث المؤسفة سيدرك أننا نسير على نفس الخطوات صوب المصير المؤلم. 

 

من الظلم أن أحمل مسؤولية ملف "التعصب الرياضي" الإعلام الرياضي فقط، بل هناك جهات أخرى لها الأثر والتأثير بطريقة مباشرة وغير مباشرة كرؤساء الأندية وأعضاء الشرف والإداريين من خلال تصريحاتهم التي تنقصها المسؤولية والحكمة، إلى جانب ذلك الأخطاء التحكيمية والمحللين المتعصبين، حتى الجمهور نفسه شريك في هذا الملف من خلال روابط المشجعين التي تصدر صيحات ضد فريق ما أو لاعب منافس بلغة غير مقبولة.

 

وختاماً، الدكتور حمدي صبح أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر يقول: إن التعصب الكروي يُعتبر نوعاً من الغلو في تشجيع نادٍ أو فريقٍ، وهو غير جائز شرعاً؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس منا من دعا إلى عصبية". 

 

قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:

 

هل التعصب الرياضي في السعودية هاجس مقلق يهدد جماهير الملاعب؟

 

هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية" وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.