يقول المثل الشعبى الصينى:
(لا تعطينى سمكة.. ولكن علمنى كيف اصطاد السمك).
في السنوات الثلاث الأخيرة، أشهر حكام العالم صافرتهم، حضرت في دوري جميل للمحترفين، تسلموا المبالغ المالية وغادروا إلى أوطانهم من دون أن يتعلم الحكم السعودي منهم.. كيف اصطاد السمكة؟.
من السهل أن تقرأ كتاب قانون كرة القدم وتحفظه، وتستطيع أن تركض كل صباح لترفع معدل لياقتك، لا تحتاج إلى مجهود لتوقف اللعب.. شهيق وزفير.. يكفيك أن ترسل كمية هواء إلى "الصافرة" لتصدر صوت يسمعه المدرج.
كثير من المهارات في التحكيم يستطيع أن يتعلمها الحكم ذاتياً، ويطور نفسه فيها، إلا أشياء محدودة يحتاج الحكم فيها إلى خبراء في الميدان يتعلم منهم ما قراءة اللعب.. التحرك السليم في الملعب.. اختيار الزاوية المناسبة لمشاهدة الكرة بين غابة من سيقان اللاعبين، وإدارة المباراة إلى بر الأمان بتطبيق روح القانون.
هذه الأشياء يفتقدها الكثير من الحكام السعوديين، كتاب "قانون كرة القدم" لا يختلف.. وجميع الحكام دستورهم واحد.. لكن الفارق ما بين كل حكم فلسفة الحركة في المستطيل الأخضر.
دور الحكم الأجنبي يفترض ألا يختلف عن اللاعب الأجنبي المحترف في الفريق، بأن يتعلم منه اللاعب المحلي أسلوب اللعب والثقافة الاحترافية؛ ليساهم في تطوير اللاعب المحلي، لكن الملموس أن الحكم السعودي لم يستثمر حتى الآن فرصة التعلم من حكام عالميين يركضون في ملاعبنا.
الحكم الأجنبي يأتي إلى ملاعبنا ليصيد السمكة دون أن يعلم الحكم السعودي كيف يصطاد السمك!.
ألوم هنا لجنة الحكام الرئيسية في الاتحاد السعودي لكرة القدم؛ لأنها لم تستثمر وجود هذا "الصياد" المحترف، ولم تحرص على منح الحكم السعودي فرصة الاحتكاك بهؤلاء الخبراء عن قرب.
يفترض أن يكون الحكم الرابع مع الحكم الأجنبي المميز من حكام النخبة، لكي يتعلم منه أدق التفاصيل، مع ضرورة الاهتمام بتكليف عدد من الحكام بحضور مباريات الحكام الأجانب في الملعب للمشاهدة، وتعلم كيف يتحرك هذا الحكم ويقرأ اللعب، وكأنه مدرب يعرف أين سوف تذهب الكرة؟!
لا يبقى إلا أن أقول:
خصصوا للحكام مقاعد في الملاعب مثل الطلاب في مدرج الجامعات، ليتعلموا من الخبراء، لا يعقل أن يأتي حكم أجنبي خبير لملاعبنا والحكم السعودي يشاهده من شاشة التلفاز لا أكثر.
الملاحظة والمحاكاة من نظريات التعليم المهمة، اجعلوا حكامنا يعيشون مع طاقم الحكام الأجنبي يوم المباراة ليتعلموا أدق التفاصيل منهم، والتي يجهلها الحكم السعودي.
قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:
متى يتعلم الحكم السعودي من الحكم الأجنبي كيف يصطاد السمكة؟!
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية".. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك..