كان للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ناقة تسمى «العضباء»، كانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين؛ فقال رسول الله:
إن حقاً على الله ألا يرفع شيئاً في الدنيا إلا وضعه.
في كتاب «الإسلام والرياضة» يقول مؤلفه تركي بن ناصر السديري، ما حدث في سباق العضباء التاريخي، تأسيس لمبدأ الروح الرياضية، في المنافسات الرياضية.
بل لعله الفاصل بين التنافس والتناحر.. فمن دون هذا المبدأ السامي، لا تكون هناك منافسة، وأساس «الروح الرياضية» هو قبول النتيجة، كسباً أو خسارة والرضا بها.
فمن دون هذا الالتزام الخاضع لـ«كينونة» المنافسة الرياضية، تخرج الأمور عن «كينونتها» الرياضية، ولا تبقى لها علاقة بها، ولعل أكثر الصور التي توضح ذلك، ما حدث في حرب" داحس والغبراء"، سباق الفرسين الشهير قبل الإسلام، غابت المنافسة الشريفة بعدم قبول النتيجة، والتحايل على تغييرها أو التأثير عليها بأي طريقة، يؤكد غياب «الروح الرياضية».
لن تعرف قيمة الفوز ما لم تخسر، الانتصارات أرزاق توزعها السماء، كما فرحت وتذوقت طعم البطولة، ما الذي يزعجك عندما ينتصر غيرك؟!.
هي غريزة بشرية تريد أن تنتصر، لا ألومك في ذلك، لكن النفس البشرية السوية تتقبل الخسارة أيضاً.
من نوامس كوكب كرة القدم الذي نعيش فيه، استحالة حدوث إثارة أو متعة ما لم يحدث انقلاب في سلم ترتيب الدوري كل موسم بتنوع الأبطال.
يقول عالم السوسيولوجيا الألماني ماكس ويبر في كتابه (نظرية التنظيم الاجتماعي والاقتصادي):
"إن الغرائز تسبب لحاملها المنازعات والمشكلات والقلاقل التي تكدر راحته وصفو حياته".
أنت طبيب نفسك، وأنت القادر على تشخيص حالتك النفسية بعد الفوز والخسارة، كل تلك الغرائز التي تسيطر عليك وأنت تجرد نفسك من "الروح الرياضية"، ستبقى داخل جسدك منازعات ومشكلات وقلاقل تكدر متعتك بكرة القدم!!.
لا يبقى إلا أن أقول:
في «تويتر» تشاهد اليوم «داحس والغبراء»، تغريدات حروفها تنبض بعقلية «العصر الجاهلي»، لا تقبل الخسارة ولا تتواضع عند الفوز، تعصب رياضي قتل «الروح الرياضية» في السعودية.
للأسف هذا التعصب بضاعة يروجها بعض الزملاء من الإعلاميين يكتبون بعقلية "المشجع المتعصب" خيانة لأمانة القلم، لا أقول لهم إلا كما قال شكسبير:
«مداد قلم الكاتب مقدس مثل دم الشهيد!!».
قبل أن ينام طفل الـــ"هندول" يسأل:
هل الروح الرياضية علاج للتعصب الرياضي؟!.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية".. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك..