ـ في الحب والقراءة يَحدثُ أن يكون التجاوب خاطئاً، مما يُنتج ردّات فعل مؤذِيَة.
ـ سبق لبوسكجاليا أن ألّف كتاباً في الحب؛ لأن أحد طلّابه "أو طالباته" في الجامعة، انتحر بسبب الحب: حكاية حزينة أثمرت كتاباً سعيداً!.
ـ وما إن صدرت رواية "آلام الفتى فيرتر" لغوته، حتى قام عشّاق شباب كثيرون برمي أنفسهم من شاهق، أو ابتلعوا السُّمّ، في ظاهرة انتحاريّة ارتبطت مباشرة ببطل الرواية، وسُمِّيَت فيما بعد "الأثر فيرتر"!.
ـ تحميل كل من الحب أو القراءة وِزْرَ ما حدث، ليس أكثر من تجاوب خاطئ وشديد الأذى أيضاً!.
ـ كتاب الحب لبوسكجاليا خَلُص إلى أن الطالب المُنتحِر لم يفهم الحب جيداً، مثلما أكّدت دراسات أدبية كثيرة أن "الأثر فيرتر" ما كان له أن يَمَسّ غير مجموعة من مرضى الرومانسيّة، الفاشلين في الحب والخائفين منه!.
ـ في الحب يجب أن تبدأ بنفسك، وأن تتعامل مع هذا "الوجوب" على أنه حق من حقوقك، بل ربما هو أحد أهم حقوقك في هذه الحياة!.
ـ من لا يحب نفسه لا يسعد أبداً، كما لا يمكنه إسعاد آخرين مهما توهّم ذلك!.
ـ الكأس حتى تفيض لا بد لها من أن تمتلئ، فإن سالت مياهها على الآخر دون امتلاء لا يكون ذلك فيضاً، والتفسير الوحيد الممكن للأمر يكون في أن هذه الكأس دُلِقت أو انكسرت أو سقطت بالخطأ!.
ـ الحب عطاء، ومن يعطي لا بد له من أن يملك أولاً، وإلّا فإنه يكون كاذباً، أو مريض وهم، أو سياسياً ظالماً متغطرساً مثل بيلفور!.
ـ ومسألة العطاء في الحب، مسألة تستحق التوقف عندها ومراجعتها كثيراً، المحب الذي يحس أنه كلما أعطى نَقُصَ من خزائنه شيئاً، ليس محبّاً حقيقيّاً!، هذه علاقة تجارة ودفتر حسابات صاحب بقالة، لا علاقة حب ودفتر قصائد!.
ـ لنضغط بأصابعنا وبكامل فهمنا ومشاعرنا على الكلمات: تفيض وعطاء!.
ـ الكأس حين تفيض لا يمكنها إلا أن تُعطي، يصير العطاء هنا طبيعة وقانونًا كَوْنِيًّا، وليس تبادلات تجاريّة!.
ـ وعليه فإن عطاء المُحب المُعافَى من العُقَد وسوء الفهم، لا يمكنه أن يُنقص منه شيئاً، هو دليل امتلاء وكفاية، بل هو أيضاً طريقة أَخْذٍ، يتوجب عليه حِيَالها حمد الله ثم شكر المحبوب الذي قَبِلَ بهذه العطاءات، فبقبوله هذا يكون قد أعطى المُحب فرصةً للتمدّد السَّخي والشعور بإيجابيّته، بتناغمه وعدم نشازه!.
ـ أمّا أن تكون القراءة خَطِرَة، فهذه طبيعتها الممتعة وليس ذنبها أبداً!.
ـ ونتائج القراءة الدائمة والفاعلة عظيمة المَسَرّات، لا تُشكِّل الأحداث السلبيّة والمؤذِيَة غير نسبة بسيطة منها، تخص عادةً المرضى النفسيين مثلما تخص من يتورّطون بالتوقّف عن القراءة بعد مسافة ليست قصيرة من العمر والبحث!.
ـ ظنّي أنه ما مِن أحد يخلو من عِلَّة نفسيّة، عدم زياراتنا للطبيب لا تعني بالضرورة أننا أصحّاء!.
ـ لكن، هناك عِلَل صغيرة جداً هي جزء أو تكاد تكون جزءاً من الطبيعة البشرية وهذه لا يُلتفَت إليها، فهي غير مؤذية ولا مفيدة ما لم تتكدّس فوقها عِلَل أخرى!، وهناك عِلَل صغيرة فقط "ليس جدّاً!"، وهذه يمكن العيش معها بسلام رغم الإحساس بوجودها، وهناك عِلَل وَسَطِيّة تسهل معالجتها ما لم يُنكرها أصحابها بالكذب على أنفسهم!، وهناك عِلَل أكبر تحتاج إلى تدخّلات طبيّة، وهناك عِلَل لا ينفع معها حتى الطب!.
ـ القراءة خَطِرَة بطبيعتها مثلما أن الإنسان ناقص بطبيعته!.
ـ يمكن التعايش والاستفادة والاستمتاع من هذه الخطورة ومن هذا النقص، مثلما يُمكن لأيٍّ منهما متى زاد عن حده، وخرج من طبيعته، أن يكون شديد الإيذاء!.
ـ من مخاطر القراءة الحقيقية الجسورة الفاعلة، أنها تشكك في المُعتقد الديني، ومعتقدات أخرى كثيرة، ولم أجد حلّاً لمثل هذه التشككات المُزعزِعة أفضل من المزيد من القراءة!.
ـ الوقوف في منتصف الطريق هو الذي يذبح من الوريد إلى الوريد: الذي لا يقرأ أبداً والقارئ الحقيقي المتواصل دائماً مع الكتاب يَأْمَنَان!، الأول لأنه لم يُبحِر والثاني لأنه يَصِل!، والفرق بين الأمنين كبير، وبعيد بُعد المجد عن الخزي، غير أنهما يأمنان!، في حين يتورّط من يقف في منتصف الطّريق: رفض الوصول ورفضه الرجوع!.