"لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"، عبارة جميلة ومعبّرة أتمنى تعليقها في مكتب كل مسؤول بجميع القطاعات الحكومية والأهلية، لأنها ستذكّر ذلك المسؤول بأنه سيتولى تلك المسؤولية بشكل مؤقت ـ طالت مدته أو قصرت ـ سيأتي اليوم الذي يغادر فيه المنصب ليأتي بعده من يخلفه لأن "دوام الحال من المحال"، ومهما كان الكرسي وثيراً فهو يشبه "كرسي الحلاق".
"كرسي الحلاق" يعتليه كل الرجال ويغادرونه وقد تغيرت هيئتهم للأحسن أو الأسوأ، وقليل منهم من يغادر ذلك الكرسي ولم تتبدل أحواله، ولو نظر كل مسؤول لكرسي المسؤولية على أنه مكان مؤقت لتعامل مع المسؤولية بأمانة أكثر مستشعراً أن الله سيحكم عليه قبل البشر بما أنجزه أثناء توليه زمام الأمور، ولكن أكبر مشكلاتنا الإدارية تأتي من شعور بعض المسؤولين بأنهم سيعمرون في مناصبهم فيتصرفون فيها وكأنها من أملاكهم الخاصة التي لن تزول أبداً.
"كرسي الحلاق" رسالة قصيرة من القلب لكل مسؤول في جميع القطاعات بما فيها القطاع الرياضي، أهدف منها إلى التذكير بأن كل مسؤول مؤتمن أمام الله على تلك السلطة الرسمية التي تخوله لاتخاذ القرارات، وتلك أمانة عظيمة رفضت السموات والأرض والجبال أن تحملها وحملها الإنسان بظلمه وجهله، وعليه أن يعي قيمة تلك المسؤولية ويراعي الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، ويستعد لمغادرة منصبه ليترك للتاريخ والناس الحكم على نجاحه أو إخفاقه.
وتزداد أهمية هذا الكرسي كلما زاد مساسه بمصالح الناس واحتياجاتهم، ويترتب على تلك الأهمية المزيد من المسؤولية وتزايد العقوبات المعجلة والمؤجلة من رب العالمين الذي "يمهل ولا يهمل" من يخون الأمانة ويسيء استخدام السلطة مقدماً مصلحته الخاصة على المصالح العامة للوطن والمواطن والمقيم، وحين يستشعر المسؤول تلك الحقيقتين المهمتين (أن الكرسي لن يدوم وأنه مؤتمن ومحاسب على حقوق البلاد والعباد) سيتغير حال ذلك المسؤول وسيقوم بمسؤوليته على أكمل وجه لأنه سيعلم يقيناً أنه يجلس على "كرسي الحلاق".
تغريدة tweet
مع تزايد تمكين المرأة في المناصب العليا بمعظم قطاعات الدولة والقطاع الخاص يصبح المقال موجهاً للمسؤولين من الجنسين، فكما يجلس الرجل على "كرسي الحلاق" تجلس المرأة على "كرسي المكياج" لتتجمل بالمساحيق والألوان التي تغير ملامحها للأجمل والأنضر والأصغر، ولكنها ستقوم حتماً عن ذلك الكرسي لتترك خلفها أثراً يتذكره التاريخ والناس ويحكمون على عملها إن خيراً فخير وإن شراً فشر، ولذلك أكرر التذكير بالعبارة التي بدأت بها المقال لأنها ستغير نظرة المسؤول إلى المنصب والسلطة، "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"، وعلى كرسي الحلاق نلتقي.
ناقد رياضي