خارج حدود ملعب كرة القدم قصص نجاح ترتبط بالرياضة تستحق أن نسلط الضوء عليها، الهوية الجديدة للاتحاد السعودي لكرة القدم يقف خلفها شاب سعودي مختص في تصميم الهوية لأي منظمة حسب نشاطها.
المصمم إبراهيم عباس يروي قصة الهوية:
"تلقينا قبل عدة أشهر دعوة للمشاركة في منافسة تصميم الهوية الجديدة للاتحاد السعودي لكرة القدم، تلك الدعوة كانت تحدياً وتكريماً في نفس الوقت، لي ولشركة "فوكس" التي أشغل فيها منصب كبير المبدعين، والتي تعد من شركات الدعاية والإستراتيجيات التسويقية السعودية الأولى في السعودية، وتدير حملات التواصل لعدة جهات حكومية وتجارية من بينها الخطوط السعودية، الهيئة العامة للطيران المدني، وزارة الشؤون البلدية والقروية، شركة صافولا لقطاع التجزئة "بنده"، شركة عبد اللطيف جميل، شركة دله البركة.. وغيرها، وتشرفت من خلالها بتصميم عدة شعارات هويات وطنية، ابتداءً من هوية الأمن العام تحت رعاية وتوجيه وتشريف ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز عام ٢٠٠٠م، مروراً بأول شعار للمنتخب يحمل رمز الصقور الخضر عام ٢٠٠٥م تحت إشراف الأمير نواف بن فيصل، وانتهاءً بالهوية الجديدة للاتحاد السعودي لكرة القدم. خضنا المنافسة مع عدة شركات، قدمنا من خلالها عدداً من التصورات، من بينها التصور المبني على استخدام الصقر كرمز للاتحاد السعودي لكرة القدم ولأبطال المنتخب.
تم ترشيح شركتنا مع شركة أخرى للمرحلة الثانية من المنافسة، ووقع اختيار منسوبي الاتحاد السعودي لكرة القدم على تصور الصقور، فعملنا على تطويره وتبسيطه وتصميم تطبيقاته المختلفة.
وبعد تقديم العرض تم إبلاغنا بأنه قد وقع الاختيار على شعار الصقور، وكانت فرحتنا لا توصف بهذا الشرف والإنجاز.
قدمت شركة "فوكس" الشعار مع التصميم الكامل للهوية وجميع تطبيقاتها كإسهام للوطن وصقور الوطن، فشرف تصميم شعار للوطن لا يمكن تقديره بثمن.
تصميم الشعار مر بعدة مراحل: الرسالة التي يحملها، الرموز المدمجة، الإخراج الفني، وأخيراً التطبيق.
رسالة الشعار هي الارتقاء بكرة القدم السعودية لتحقيق الطموحات والإنجازات المحلية والإقليمية والعالمية.
الرموز المستخدمة هي الوطن متمثلاً في النخلة، تحيط النخلة بالصقر الذي يعبر عن أبناء الوطن، والذي يحيط بكرة القدم.
فنياً كان التحدي في أن يتم إخراج الشعار ككتلة واحدة متمازجة متكاملة تحكي كامل القصة رغم بساطتها. فبدأنا بالوطن متمثلاً بالنخلة، من يدقق النظر يجدها اتخذت شكلاً كروياً يلمح للعالمية وذلك بسبب ميلان محورها كميلان محور الأرض وامتداد سعفاتها تلميحاً لخطوط الطول. تم استخدام تمازج المساحات المصمتة والمفرغة داخل النخلة لتصميم الصقر والذي يمثل ابن الوطن وقيم الأصالة والنبل والقوة والطموح التي يحملها، وكرة القدم التي تمثل الرياضة والشغف. قُدمت عدة تصورات مختلفة لمزج عناصر الشعار كان هذا الأوضح والأبسط بينها، وتم التوصل إلى شكله النهائي بعد الأخذ بالملاحظات والتوجيهات التي كنا نتلقاها من الاتحاد السعودي لكرة القدم طوال فترة تصميم وتنفيذ الشعار.
حرصنا أن يتم إخراج الشعار بشكل عصري واضح وبسيط، وبالتالي كان اسم الاتحاد السعودي لكرة القدم مرادفاً للرمز عوضاً من أن يكون مدمجاً معه.
كان توجيه إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم بأن يمثل نفس الشعار المنتخب السعودي، فرمز الصقر ليس محصوراً على لاعبي المنتخب فحسب، وإن كانوا هم سفراء الوطن وأبطاله، رمز الصقر يرمز أيضاً لكل لاعب سعودي، وكل فني سعودي، وكل مشجع سعودي.
وفي داخل الشعار تم إضافة الحروف المختصرة للاتحاد السعودي لكرة القدم باللغة الإنجليزية SAFF، وهذا هو التوجه السائد الذي تتبعه اتحادات كرة القدم العالمية والذي يهدف إلى تمييز شعارها بشكل واضح في المحافل العالمية.
إن مراحل تصميم وتنفيذ الهوية حساسة ومفصلة ومعقدة بشكل لا يحيط به سوى ذوي الاختصاص، فالقضية ليست مجرد شعار، وإنما إستراتيجية تواصل، وتصميم، وعناصر مرئية مساندة، وتطبيقات قد يصل عددها للمئات.
ولا يسعنا المقام هنا لنتعمق أكثر في الحديث عن هذه التجربة المشرفة التي خضناها، والتي دفعها التحدي.. وغمرها الشغف، لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم بالشكر إلى كل من أتاح لنا الفرصة، وأولانا الثقة، وساهم في صناعة هذه الهوية التي نسأل الله أن يوفق الجميع لتحقيق ما تحمله من رسالة وطموحات".
لا يبقى إلا أن أقول:
هذه القصة كما هي، ما يجب ذكره أن المصمم إبراهيم عباس من أجل رياضة الوطن صمم الهوية للاتحاد السعودي لكرة القدم "بالمجان" حرصاً منه على دعم رياضة الوطن وشبابها.
هذا الموقف النبيل من هذا الشاب يستحق الشكر عليه، لذلك سلطنا الضوء اليوم على قصته مع هذه الهوية والتي تعتبر نجاحاً رياضياً خارج المستطيل الأخضر.
قد يخفى على البعض أن تصميم هذه الهوية تكلف ما لا يقل عن مليون ريال، وفقاً للأسعار المتعارف عليها، لكن هذا الشاب أراد أن يخدم رياضة وطنه لا أكثر.
قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:
هل تبادر جهات أخرى بدعم رياضة الوطن بطريقة المصمم إبراهيم عباس؟!.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية" وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.