|


أحمد الفهيد
لا شيء يحدث فجأة ولا صدفة.. وإنما بـ«الصغار» (2)
2017-07-08

 

(٧)

عام 2000 مُسَّت الكرامة الألمانية، حين غادر منتخب البلاد بطولة أوروبا من دور المجموعات للمرة الأولى في تاريخه، استقال رئيس الاتحاد القديم، ومعه ذهب فايسه الذي بلغ الثمانين من عمره، شارك الألمان في كأس العالم 2002 بقائمة متوسط أعمارها 28 عامًا "أقل بعامين من القائمة التي ذهبت إلى فرنسا 1998"، هذه كانت نقطة انطلاق "بداية فقط"، وضع الاتحاد برنامجًا جديدًا لتطوير المواهب الشابة في المراكز الإقليمية، التي بلغ عددها 366 مركزًا، تقام فيها تدريبات أسبوعية، تحت إشراف 1000 مدرب يحملون الرخصة B من الاتحاد الأوروبي.

 

(٨)

 طالب اتحاد اللعبة أندية الدرجة الأولى والثانية، بإنشاء مراكز لتدريب المواهب وصقلها، بداية من موسم 2002 - 2003، وإذا لم تفعل فإنها لن تحصل على الرخص اللازمة للمشاركة في مسابقات المحترفين المحلية، ووضع الاتحاد مجموعة من المعايير الواجب الإيفاء بها لإنجاز ذلك، ومنها: 

أن يكون لدى كل نادٍ فريق واحد لكل المراحل، بداية من فرق تحت 13 عامًا، وحتى فرق تحت 19 عامًا، وأن يمتلك 3 ملاعب من العشب الطبيعي، اثنان منها مجهزان بالأضواء الكاشفة، مع إنشاء ملعب مغلق للتدريب في فصل الشتاء. وتهيئة مساحة للعلاج الطبيعي، تحتوي على غرفتين للتدليك، وحمام للاسترخاء.. واشترط الاتحاد على هذه الأندية توفير مدرب واحد لكل فئة عمرية، ووجوب توقيع عقود دائمة وليست تطوعية مع 3 مدربين يحملون الرخصة التدريبية، وأخصائي علاج طبيعي، ومدرب لياقة.

 

(٩)

وألزم الاتحاد الألماني الأندية بقيد 12 لاعبًا من أصل 22 ـ تحت 17 و19 عامًا ـ يصلحون للعب مع منتخب ألمانيا، أي عليهم أن يكونوا مواطنين ألمانيين.

وفي عام 2004 انطلق دوري البوندسليجا للاعبين دون 19 عامًا في 3 مناطق مختلفة، وفي 2007 أصبح للاعبين دون 17 عامًا مسابقة محلية بنظام الدوري، كانت الفكرة تتلخص في ضخ هذه الدماء الشابة في أوردة دوريات المحترفين، وتقليل اعتماد الأندية على شراء أو التعاقد مع لاعبين أجانب.

 

(١٠)

دفعت ألمانيا على هذا كله 750 مليون يورو "3 مليارات و210 ملايين ريال سعودي"، لكن المنتخب الوطني أصبح ملك اللعبة المتوج على العالم في ثلاث فئات عمرية.

في نهائي دوري الأبطال عام 2013، الذي واجه فيه العملاق بايرن ميونيخ ابن جلدته بروسيا دورتموند، كان في صفوف الفريقين مجتمعين 26 لاعبًا تدرجوا في الفئات العمرية المختلفة، وفي استطاعتهم اللعب لمنتخب ألمانيا.. أكثر من نصف هذا العدد بقليل كان نتاج برنامج الاتحاد الذي بدأ في نهاية عام 2000.

 

(١١)

يقول الاتحاد الأوروبي على موقعه الرسمي، إن اتحاد اللعبة في ألمانيا لديه 28400 مدرب يمتلكون الرخصة B، مقابل 1759 في إنجلترا، و5500 مدرب في ألمانيا يمتلكون الرخصة A مقابل 895 في إنجلترا، و1070 يمتلكون رخصة المحترفين وهي الرخصة التدريبية الأعلى التي يمنحها UEFA مقابل 115 في إنجلترا، "إنجلترا البلد الذي اخترع كرة القدم"!

 

(١٢)

ألمانيا تُعلّمنا:

أنه لا شيء يحدث صدفة، ولا فجأة.. ولا شيء يُنجز بسرعة، ولا مجانًا.. ولا شيء يفعله رجل واحد، إنما هي سلسلة من العمليات الطويلة التي يقوم بها رجال كُثر من أجل بلد واحد.

ألمانيا تُعلّمنا:

إذا أردت أن يحترمك العالم ويهابك.. كُن مُخطِطًا لتكون قويًّا، كُن قويًّا لتنتصر، انتصر لتصبح بطلًا.