الأب الذي يقرع ابنه على كل صغيرة وكبيرة، ولا يدع له مجالاً للخطأ وتصحيحه، لن يجني من أسلوب تربيته السيئ سوى ولد عاق عدواني كاره لبيته ومجتمعه، وربما الناس أجمعين، فتتلقفه الجماعات الإرهابية أو تجار المخدرات والبداية كانت "أسلوب خاطئ"..
والمدير الذي يحطم مجاديف مرؤوسه ويحرمه من أجواء صحية في العمل ويقفل عليه كل نوافذ الإبداع بأقفال الروتين والتعليمات، لن يجني من وراء ذلك سوى بطالة مقنعة وساعات إنتاج سلبية، تنعكس سلبًا على مجتمع كامل وأسرة يعود لها وإليها عصبيًّا مكتئبًا..
والإعلام الذي يمارس السوداوية بـ"جلد الذات"، والتركيز على السلبيات وتضخيمها لن يجني سوى مجتمع سائر على ذات النهج؛ فيفقد الثقة في مؤسساته الرسمية ويضعف لديه الوازع الوطني حتى يصبح أعشى يرى وطنه ليلاً بهيئة شيطان، ويرى بقية الأوطان رغم أن فيها ما فيها ملائكة مطمئنين..
للأسف الشديد هذه نماذج موجودة في حياتنا وفي ساحتنا الرياضية تحديدًا، والتي تعتمد منافساتها على خصائص جسدية ونفسية وذهنية، وكلها يؤثر بها العامل المعنوي؛ فشحذ الهمم ورفع المعنويات يتلقاهما العقل بترحيب بالغ حتى يندمجا مع النفس في علاقة ود وانصهار؛ فتزداد الثقة وتسري الطمأنينة مسرى الدم في الشرايين والأوردة، وتكتمل العناصر ويبقى عامل التوفيق بيد من بيده ملكوت كل شيء..
لكن العكس هو ما يحدث لدينا؛ فمع كل إخفاق أو تعثر حتى لو كان وقتيًّا، تتبدل القناعات وتطغى العاطفة ويرتفع هرمون الغضب؛ فتبدأ حملة التنفيس عن الذات بتحطيم كل شيء، ويبدأ التشكيك وتطول الإشاعات كل شيء؛ حتى تطال الذمم، وطبيعي أن بعد كل هذا أن يأتي الفشل..
وما تعرض له المنتخب بعد الخسارة المفاجئة من الإمارات خير شاهد، رغم أن الأمور لم تحسم بعد؛ فاحتمال كبير أن يأتي التأهل غدًا بعد الفوز على اليابان أو حتى تعثر أستراليا رغم صعوبة تعثرها أمام "تايلاند"..
ولو كان مقدرًا لنا عدم التأهل المباشر؛ فهناك احتمالية التأهل عبر الملحق في حال بقينا في المركز الثالث، حيث سنلاقي ثالث المجموعة الأخرى المنحصر بين "كوريا الجنوبية وأوزباكستان وسوريا"، وفي حال تجاوزه سنذهب للعب ملحق جديد من مجموعة أمريكا الشمالية "الكونكاكاف"، وأغلب الاحتمالات أن يكون منتخب "هندوراس" وهو لا يختلف كثيرًا عن المنتخبات الآسيوية..
كل ما علينا هو التشبث بالأمل والتمسك بالحظوظ والمقاتلة عليها، ولكن هذه الأمور تحتاج إلى تكاتف الجميع بما فيهم "الإعلام والجماهير"، وهذا لن يأتي إلا بعد أن نتخلص من عاطفتنا والتحكم بمشاعرنا والحكم بعقولنا، وهذه هي "المهمة المستحيلة"؛ فالإنسان بطبعه لا يرى خطأه وكل من يمارس التحطيم بالتنفيس يعتبر نفسه ناقدًا، وأن نقده نقد بناء للمصلحة العامة..
الهاء الرابعة
من يسرج خيوله على أدناة حاجه
يركض مراكيض الفلس والخساره
أما يضيع صيدته في عجاجه
وإلا فقد بين النشامى وقاره