|


د. علي عبدالله الجفري
ترييض السياسة
2010-12-20
ظلت المفاهيم الرياضية العالمية لفترات طويلة تدور حول ثقافة الفوز والخسارة، وإنها نتاج منافسات بدنية عقلية أو الاثنين معاً دون النظر إلى خلفيات وتبعيات هذه المنافسات على الدول والشعوب والثقافات. ومع مرور الزمن تغيرت هذه المفاهيم المجردة عن الرياضة وتطورت نتيجة التأسيس للعديد من المنظمات الدولية التي تُعنى بالرياضة مثل اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية للألعاب المختلفة. لقد دافع قياديو الحركة الرياضية في العالم عن المبادئ والقيم الرياضية السامية، العامة منها والمرتبطة بالفوز والخسارة، ووقفوا في وجه العديد من القرارات السياسية الدولية ذات العلاقة بالرياضة وبرامجها ومنافساتها الدولية والقارية، التي كانت تصدر من بعض الهيئات والمنظمات الدولية السياسية. لقد تصدت الأسرة الدولية الرياضية ورفضت كل المحاولات الدولية في أوقات سابقة لمفهوم تسييس الرياضة وجعلها أحد الأسلحة التي تستخدمها الدول أو الهيئات الدولية لتحقيق أهداف سياسية أو عقوبات دولية على بعض الدول.
رفضت القيادات الرياضية تسييس الرياضة ونجحت في ذلك لأسباب عديدة، منها الالتزام بالمبادئ والمواثيق الرياضية الدولية وعدم الخروج عن الرسالة والأهداف التي أُسست عليها تلك المنظمات والهيئات. مع ذلك فلا يمكن لأي متابع أن ينكر الانعكاسات التي تركتها السياسة على الرياضة، والعكس، والتي ساهمت في تعارف وتقارب الشعوب والدول. فقد يكون من الصعب أن تسمع عن دولة لم يسمع مواطنوها عن البرازيل ونجومه في كرة القدم، أو الأرجنتين مثلاً، ومن المستحيل على أي شعب أن لايعرف الولايات المتحدة الأمريكية ونجومها الآليين في كرة السلة، وأخذت الصين تحفر اسمها في أذهان كل من يعيش على هذه الأرض من خلال نجومها في الألعاب المختلفة، ولن يواجه الأشقاء في قطر صعوبة في تحديد موقع دولتهم الصغيرة العملاقة من الآن إلى ما بعد انتهاء مونديال 2022م.
الرياضة العالمية خرجت من دائرة الخوف من أن تسيّيس وأن تدار من قبل الساسة والزعماء، ولكنها أدخلت إلى آفاق فضاء جديد قد تستطيع من خلاله أن تأثر سلباً وإيجاباً على السياسة، وهذا الفضاء هو ترييض السياسة، بمعنى أن الرياضة التي كان يُخشى عليها من السياسة باتت اليوم هي التي تُؤثر في السياسة. لقد رأى العالم أجمع كيف رمت الدول المتقدمة بملفات لاستضافة مونديال العامين 2018 و2022م بكل الأثقال السياسية لدى فيفا للفوز بالاستضافة، ورأينا كذلك ردود الفعل المختلفة من خلال التصريحات الإعلامية السلبية للقيادات السياسية تجاه نتائج التصويت. كما أن المنظر أصبح منذ عدة سنوات مألوفاً لنا جميعاً أن نرى زعماء دول وقادة سياسيين يشاهدون ويتابعون مباريات لمنتخباتهم في كرة القدم سواء كان ذلك في المونديال أو بعض المباريات الهامة.
أختم مقال الأسبوع بالسؤال: متى نرى سياسيي الوطن من وزراء وأعضاء مجلس شورى وغيرهم يذهبون وراء منتخبنا في بعض المباريات الهامة للتشجيع والمؤازرة؟