|


سعد المطرفي
شغل عشر ورقات
2009-11-22
في الرياضة قصص ومآس محزنة جداً.
فعقيل الداود بطل في المبارز وثالث لاعب في آسيا ويعمل في وظيفة تدر عليه أربعة آلاف شهريا والأخ مستشار الاتحاد السعودي للمبارزة يطالبه بتركها والتفرغ للعبة مقابل (عشر ورقات) من فئة المائة ريال كمكافأة مقطوعة وهذا الطلب ليس من أجل (سواد عيون) اللاعب وإنما من أجل (سمعة وبياض وجه الاتحاد) نحو الاستمرار في تحقيق مزيد من الإنجازات على أكتاف عقيل وغيره من اللاعبين والقصة بكل تفاصيلها منشورة في الوطن الثلاثاء الماضي على لسان اللاعب.
فعقيل يقول: فصلت من وظيفتي بسبب نصيحة من مستشار اتحاد اللعبة فأصبحت عاطلاً عن العمل وحينما عدت إليها مرة أخرى عاد لملاحقتي كي أتركها وأتفرغ للعبة مقابل ألف ريال شهرياً ورئيس الاتحاد يقول: ما يُدفع للاعبين من مخصصات شهرية هي مكافآت خاصة وليست مرتبات وتصرف من جيبه وليست من حساب أحد، أي ليست محسوبة على بند أوجه الصرف في ميزانية اتحاد اللعبة.
فهل يعقل أن أصبحت بعض الاتحادات الرياضية لدينا قدرتها المالية محدودة جداً مثل بعض الأندية ولولا فزعة بعض رؤسائها لتدهورت ألعابها ولم تحقق شيئا خصوصا وأنها تنافس على الذهب آسيوياً ومراكز المقدمة.
وماذا بالله عليكم يمكن أن نسمي هذا النوع من النصائح الاستشارية المفجعة للمستشار التي تصنع المآسي وتساهم في رفع معدلات البطالة، وهل أصبحت الإنسانية والمستقبل المعيشي للاعب هامشا غير (مهم) في تفكير بعض مسيري الاتحادات ومستشاريها من أجل أن يقال لهم والله (أنجزتم وما قصرتم وتستحقون الثناء) فيما تتهدم بيوت وتتعطل أسر (ولا من شاف ولا من دري).
شخصيا تمنيت لو أن الأخ بندر الصالح تحدث عن الصعاب التي تواجه الاتحاد قبل أن يتحدث اللاعب عن قصته المؤلمة وكيف أصبح ملزما بالإنفاق على بعض اللاعبين من جيبه الخاص حفاظاً على أداء الاتحاد.
وتمنيت أيضاً لو أن اللاعب البطل سجل كل المكالمات التي دارت بينه وبين مستشار اللعبة ووضعها على (اليوتيوب) ليس من باب الشماتة معاذ الله ولكن لكي نتعرف على هذا المستشار وطريقة تفكيره وهل لديه أبناء أم لا لكي يقبل بأن يكون أحدهما بطلا في لعبة (ما) وعاطلا عن العمل.
وعلى الرغم من أنني متأكد وبشدة أنه لن يقبل بذلك على الإطلاق فأنا أيضا على ثقة تامة بأن الأميرين سلطان بن فهد ونواف بن فيصل لن يقبلا هذا الصباح أن يكون هناك مستشار لعبة في اتحاد رياضي قائم بذاته يدعو إلى البطالة من أجل أن يقال إن اتحاد هذه اللعبة نشط ولديه أبطال وإنجازات مهما كان وزن هذا المستشار وتاريخه العملي.
فمستقبل الإنسان الوظيفي أهم من أي هواية مهما كان حجمها وأهم من أي لقب مهما كان ثمنه وأهم من أن يقال أنت (بطل يابطل) خصوصا وإذا كان اتحاد اللعبة ليس لديه (فائض مالي) ورئيسه يتبرع للاعبين من جيبه.
فالاتحاد الذي لا يطبق الاحتراف وليس لديه مصادر دخل عالية من المفترض ألا يتجاوز شعاره (الجود من الموجود) مهما كلف الأمر وأن يكون عقلانيا مع لاعبيه وألا يبالغ في وعودهم إلا إذا كان رئيسه لديه وظائف مضمونة وتحت تصرفه ويستطيع اعتمادها فوراً.
فالعيش بلا وظيفة تقي الإنسان سؤال الناس (بؤس وكدر وضيق) لا يطاق مهما كانت نجوميته واسألوا بعض اللاعبين الذين انقطع عنهم مطر (الأضواء والهبات والشرهات والهدايا) كيف كانوا وكيف أصبحوا الآن وماذا يمكن أن يفعلوا لو دارت بهم عجلة الأيام إلى الوراء.
وقصة عقيل تشبه إلى حد ما أيضا قصة مهند عسيري في الوحدة المهاجم الشاب الذي ترك عمله ولم يوقع عقدا احترافيا مع ناديه حتى الآن وماذا لو أصيب في أي مباراة إصابة بالغة قد تعيقه من ممارسة الكرة فكيف سيكون مستقبله ومن سيحميه طالما الأمر بينه وبين ناديه مجرد وعود في الهواء وكيف سيعيش هو وأسرته خصوصاً إذا لم يكن اللاعب ثريا والرياضة لديه ليست من (باب زائد).
فالحياة أصبحت صعبة والإنسان محاط بضغوط مادية متلاحقة وعليه أن يسابق الزمن لتوفير احتياجاته الضرورية ويجب أن تراعي الأندية والاتحادات هذا الجانب وألا تطالب لاعبيها بترك وظائفهم على أمل لعل وعسى وفي النهاية لا يجني اللاعب سوى الفقر وطرق أبواب الشركات وأهل الخير لكي يعيش حينما ينتهي دوره كنجم.