|


أحمد المطرودي
براءة الهلال والانضباط
2012-01-10
الذين يشخصون حالات الشغب في الملاعب السعودية وينسبون أسبابها إلى لجنة الانضباط يظلمون اللجنة ويجافون الحقيقة لأن المسألة تعتمد بالدرجة الأولى على تربية المجتمع للأفراد ونمط المجتمع الذي يتشكل منه هذا النسيج لو كان هناك شاب تربطه علاقة متميزة مع والديه حيث الحب والحنان والحوار الراقي المعتمد على استخدام المفردات الرفيعة والاحترام وتعزيز الثقة بالنفس مع تعامل راق من قبل المدرسة وجماعة المسجد والحارة هل تتوقعون أن هذا الشاب سيقفز الحواجز و(يطامر) في الملاعب ويسيء التصرف ويرتدي الملابس المسيئة و(يفحط) أو يقطع الإشارات انه سيتوارى وينسحب من الحياء والخوف على اسمه وسمعته في المقابل هناك شاب تربى منذ طفولته على الإهانات والتحطيم المعتمد على كلمات جارحة تزيد من الفجوة بينه وبين والديه فيفقد الثقة في نفسه وييئس من رضى الوالدين أو نظرة المعلمين وحينما كان طفلا لم يستطع الخروج من شباك الكبت والقمع وعندما سنحت الفرصة بتجاوزه مرحلة الطفولة يتحول إلى شخص مسعور يريد تفجير كل المكبوتات الطفولية وليس هناك ما يخسره إنه ضحية آباء تعلموا كيف يتعاملون مع الكمبيوتر والسيارة والأدوات الكهربية وطريقة البناء الصحيحة لمنازلهم لكنهم للأسف لم يتعلموا المهم وهو كيف يربون أبناءهم ولا حتى يحاولون وإذا قدمت لهم ملاحظات وسلبيات عن طريقة تعاملهم مع أبنائهم ناطحوك بقرون من حديد والمشاغبات الجماهيرية هي سلوك سلبي يتحمله المجتمع وعليكم ملاحظة قيادة السيارات في الطرق السريعة وداخل المدن وعدم الالتزام بالقوانين والأنظمة وعشوائية الطلاب في المدارس وسوء مخرجات التعليم الذي أدي إلى ضعف في مستوى الطلاب بسبب نوعية المناهج وضعف أداء المعلمين وافتقاد المدارس للقيادات التربوية ولجنة الانضباط ليست مسؤولة بل التربية الخاطئة التي تمارس في البيوت والمدارس فيخرج بسببها ومنها شباب ليس لهم طموح ولا اعتزاز وثقة بالنفس بل شباب مستهتر فوضوي يمارس سلوكيات منفرة للآخرين وبسببها يفقد التواصل مع الأشخاص المحترمين والنزيهين فلا يستطيع كسبهم ويهربون منه فيضطر للاستعانة بأي أشخاص يجارونه السلبية والسطحية والجلافة والصلافة والملابس المخجلة أما أن تكون بالية ومضحكة أو تكون صارخة وملفته للانتباه ومن المظاهر السيئة في مجتمعنا عدم قدرة بعض الآباء الصرف على ابنه بما يحقق له الاكتفاء والتعفف والعيش برغد دون الحاجة للآخرين رغم أن لديه المال لكن افتقاده لمهارة الصرف جعله يحرم ابنه من أبسط الحاجات والغريب في بعض الآباء أن ابنه يذهب إلى الملعب مثلا ويحضر المباراة ويتناول العشاء خارج المنزل دون أن يؤمن له مصاريف التاكسي أو قيمة البنزين إذا كانت لديه سيارة ولم يسال الأب نفسه من أين حصل ابنه على المصروف وبعضهم لا يعطي ابنه المصروف بنفس راضية بل يحتاج الابن إلى مجهود خرافي لانتزاع ما يريده من مال ولو أعطى كل أب ابنه مصروفا يوميا لن ينقص من ماله أو يؤثر عليه ولكن ثقافة تجميع المال دون الاستفادة منه سلبية يتوارثها البعض وهناك من الآباء من يؤصل في أبنائه هذا الفكر وعلى وزارة التربية أن تعتمد دورات لتعليم منسوبيها أصول التعامل مع الأبناء والطلاب وتغيير كثافة المناهج بتغيير خطط المنهجية وطريقة التقييم التي جعلت الطالب ينهي المرحلة الابتدائية دون أن يعرف القراءة والكتابة بشكل جيد وإذا كانت لجنة الانضباط بريئة فالهلال وجماهيره بريئون من مشاغبات ملعب الشعلة الذي يعبر فيه الحضور عن نوعية المجتمع المحيط بمكان إقامة المباراة وهنا يلزم التفريق بين الجماهيرية والشعبية فليس ذنب الهلال أن وصلت شعبيته للبراري والصحاري والقرى والهجر ولهذا فسلوكيات الجماهير التي تحسب عليه هم الذين يتواجدون في الرياض ويحضرون التمارين والمباريات مما يتشكل بينهم هاجس انفعالي واحد يمكن السيطرة عليه من خلال الإعلام ومواقع النت وغيرها من الوسائل لقد رأينا جماهير سعودية تشجع يوفنتس ماذا لو أن هذه الجماهير قامت برمي العصي والحجارة في اعتزال الدعيع هل سنقول أن جماهير اليوفنتس مشاغبون ويجب معاقبة النادي وهل جماهيره التي حضرت الاعتزال بما فيها من أنماط سلوكية وممارسات وتصرفات هي نفسها سلوكيات جماهيره التي تعشقه من أهل مدينة برينو وباقي مدن ايطاليا