|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
لا تنسنا يا (مسلم) من دعائك
2009-09-04
طلب مني أحد الإخوة القراء في نهاية تعليقه على مقال الأسبوع الماضي بأن أدعو له.. وصاحبي من أهل القصيم التي أحبها وقد نعت نفسه بـ(مسلم)، ولا أدري إن كان ذلك اسمه الحقيقي أم أنه قد استعاره ليذكرني بالرابط القوي المتين الذي يجمعنا!
طلب أخينا مسلم أوجس في نفسي غروراً سرعان ما زال بعد أن عدت أستحضر حال هذه النفس الأمارة بالسوء المقصرة دوماً في جنب الله.. إنها فرصة يا (مسلم) تهديها لي لأدعو لنفسي بالهداية.. لعلك قصدت هذا (رعاك الله).. أشكرك وأعدك بأن أدعو لك بعد أن تسمو نفسي بالذل لخالقها.. وتنال نصيباً من أنس ظلت لاهية عنه.. سأدعو لك يا صاحب الفضل.. يا من ذكرتني بخير الأعمال.. كيف لا وربَّنا عزَّ وجلَّ يغضب على العبد الذي لا يدعوه، حيث يُعتبَر تركه للدعاء استغناءً عنه سبحانه وتعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من لم يسأل الله يغضب عليه”رواه الترمذي بسندٍ صحيح.
مسألة طلب الدعاء من الغير يا (مسلم) وجدتها في فتاوى العلماء وها أنا أقدمها هنا للفائدة داعياً لك بخيري الدنيا والآخرة:
سؤال المسلم الدعاء من أخيه المسلم جائز مشروع، ففي صحيح مسلم عن صفوان بن عبد الله بن صفوان - وكان زوجاً للدرداء ـ قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله، فلم أجده ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم. قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل”. قال: فخرجت إلى السوق، فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روى أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن لي، وقال: “لا تنسنا يا أخي من دعائك” فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
والمسألة فيها تفصيل لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (1ـ191): “من قال لغيره من الناس: ادع لي ـ أو لنا ـ وقصد أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضاً بأمره، وبفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتدٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤتم به ليس هذا من السؤال المرجوح، وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله ورسوله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله”.
ما أحرانا يا (مسلم) أن نطلب الدعاء من إخواننا على هذا الوجه، حتى ننفع المسؤول بالتسبب فيما يحصل من خير الدعاء لإخوانه، كما فعلت أم الدرداء، وفعله أبو الدرداء، وهذا هو توجيه الحديث السابق، حيث يرى العلماء أن طلب النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء من عمر ليحصل له من الخير نظير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
شكراً يا (مسلم).. ولا تنسنا أنت أيضاً من دعائك.. وتذكر أن لك بمثل.