|


سعيد غبريس
نور والاعتزال القسري
2016-07-01
قد يكون محمد نور اللاعب الأكثر جدلاً في الكرة السعودية، هذا الجدل الذي امتد إلى قضية لا يحسمها إلاّ العِلم والطب المخبري، ومع ذلك كانت نتائج خضوعه لفحص المنشطات، مثار جدل بين لجنتين مختصتين، واحدة أدانته وأوقفته مدة أربع سنوات، وأخرى رفعت الإيقاف عنه مكتفية بفترة الإيقاف السابقة لخمسة أشهر، ووصل الجدل إلى الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات.
ولكن لا جدال في أنّ محمد نور واحد من أكثر اللاعبين قيمة في نادي الاتحاد بل في الكرة السعودية. وهذا ما صادق عليه مؤخراً رئيس الهيئة العامة للرياضة الأمير عبدالله بن مساعد، الذي خصّ الأكثر حملاً للألقاب ببادرة واتصال حين أعلن اعتزاله النهائي في الأيام الأخيرة.
لم تكن هذه النهاية القسرية لهذا البطل الرياضي، في موازاة إنجازاته وتضحياته، تماماً كما كانت النهاية القسرية للنجم الأرجنتيني العالمي ليونيل ميسي، الذي خلع قميصه مع منتخب بلاده بعد الإخفاق في الفوز ببطولة أمريكا الجنوبية، ليبقى بدون أي لقب دولي مع الأرجنتين، برغم ألقابه وإنجازاته وجوائزه الشخصية التي طغت على إنجازات اللاعبين الدوليين الآخرين من أمثاله.
غالباً ما يكون الاعتزال القسري بسبب إصابات اللاعبين، وقلّما كانت بسبب الإيقاف مدى الحياة، ونجمنا السعودي والنجم الأرجنتيني يمثل كل منهما مثالاً لإحدى الحالتين، ولكن حالة الإيقاف أكثر إيلاماً، فهي تقلل من التعاطف مع النجم المعتزل بالإيقاف بسبب السلوك غير الرياضي، فيما يمتزج التعاطف مع الحسرة في حالة الاعتزال بسبب الإصابة.
وقد حصل محمد نور فعلاً على المجد الكروي، ويكفيه فخراً وعزاً أنّ الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز أبدى إعجابه بالمستويات التي يقدمها، حين قال له، وهو يسلّمه كأس الملك في 2010: "انتبه العيون عليك.."، أمّا النقطة البيضاء التي كانت العلامة الفارقة في السجل الأبيض لمحمد نور، فهي البطاقة البيضاء التي منحها له جلالة الملك الراحل عبدالله والجملة الشهيرة: "أوقفوك بالبطاقة الحمراء ولكنك ستعود بالبطاقة البيضاء"، وذلك بعدما كان اتحاد الكرة شطب نجم منتخبه نهائياً في خليجي 2009 بقطر.
محمد نور كان نموذجاً للاعب الذي "يركب رأسه" بدليل خلافاته ومشاداته وعدم إطاعته وعدم انضباطيته مع المدربين وفي التمارين، من ذلك سلسلة "المواجهات" مع كالديرون ومانويل جوزيه وكانيدا وبيتوركا وغيرهم، وهو، وإن كان في كثير من الأحيان "غير بريء" في ذلك، فإنه لم يرمِ بنفسه في الهلاك في موضوع المنشطات. وإن كان معظم النجوم الذين تقدموا في السن (شارف نجمنا الأربعين سنة) يستعينون ببعض العقاقير المنشطة، ومن هنا كان دفاعه المستميت عن نفسه واستئنافه قرار الإيقاف وصولاً إلى ما يشبه البراءة.
والله أعلم، قد يكون محمد نور بريئاً، ذلك أنّ الأخطاء واردة حتى في عالم الطب، وكلنا نتذكر كيف أنّ اللاعب الإسباني العالمي جوارديولا حصل على البراءة في قضية تعاطيه العقاقير المنشطة، بعد 10 أعوام فقط!!.