عندنا مثل يقول:"تحصل مع أحسن العائلات"، فقبل الدقيقة المجنونة التي أقصت نادي الهلال السعودي عن نهائي دوري أبطال آسيا والتي كان بطلها القاتل الكوري الجنوبي كيونج وون مهاجم الأهلي الإماراتي، كانت دقيقة مجنونة أقصت منتخب فرنسا عن مونديال 1994 وكان بطلها القاتل البلغاري كوستادينوف الذي حوّل الكرة الركنية لدافيد جينولا إلى هدف الثانية الأخيرة في وقت كان الجمهور الفرنسي يعيش الفرحة الغامرة..
بعد ذلك شهدت ملاعب الكرة العالمية دقيقتين قاتلتين، لم يشاهدهما يوهانسون رئيس الاتحاد الأوروبي الذي كان في طريقه إلى أرض الملعب ليسلّم كأس أندية أوروبا 1999 إلى بايرن ميونيخ الفائز حتى تلك اللحظة بهدف، وإذا به يرى لاعبي الفريق البافاري يبكون فيما كان الاحتفال يغمر لاعبي مانشستر يوناتيد بعدما سجلوا في دقيقتين هدفي الفوز.
الهلال ذاته تذوق طعم الهدف القاتل، حين سجّل في البطولة الآسيوية 2010 هدفاً في آخر دقيقة في مرمى الغرافة القطري في عقر داره ليخسر المباراة 2ـ4 ويتأهل بالتالي بمجموع المباراتين بعدما كان فاز 3ـ0 في الرياض.. ولا نذهب بعيداً، فهل ننسى هدف الجحفلي في مرمى النصر بنهائي كأس الملك الذي أعاد الهلال للمباراة في الدقيقة المجنونة، ومن ثمّ "سرق" الكأس من الغريم الأبدي.
الأمثلة كثيرة على غرابة كرة القدم التي غالباً ما ننعتها بأنّ ليس لها أمان، وحتى المنتخب السعودي وفي عقر داره أخرجته المجنونة القاتلة من تصفيات المونديال، ومع ذلك لا نأخذ العبر ولا نتعظ مما حصل معنا ومع غيرنا ونستسلم لمقولة إنّ الكرة مجنونة، ونأبه لقاعدة أنّ المباراة لا تنتهي إلا مع صافرة النهاية.
خرج الهلال من أبطال آسيا لهذا العام، ولكنه كان فريقاً بطلاً في المباراة أمام الأهلي الإماراتي كونه قلب النتيجة من خسارة بهدفين إلى تعادل قبل أن تحل على لاعبيه سكرة الرمق الأخير، وهنا لا بد من حكمة رئيس النادي الأمير نواف بن سعد الذي يجب أن يتمسك بها، وحكمته الأولى أنه حمّل نفسه مسؤولية الهزيمة ولم يحوّل اللاعبين ولا المدرب إلى شماعة، وهذه من مواقف الشجعان، فاللاعبون قاتلوا واستماتوا، والمدرب نجح في تبديلاته بإنزال الشلهوب والشمراني مما غيّر كل شيء.
ويجب ألاّ يغيب عن بالنا أن الهلال لعب بدون ثلاثة من أبرز لاعبيه: خالد شراحيلي وسلمان الفرج وديجاو بسبب الإيقاف وليس بسبب الإصابة، وهذا مما يحز بالنفس، كما لا ننسى أنّ الهلال خسر خدمات أخطر مهاجم سعودي ناصر الشمراني الذي لعب بديلاً في مباراتي نصف النهائي، وفي كل مرة كان يؤثر في مجريات اللعب. وهنا نضع "الزلزال" في خانة شراحيلي والفرج وديجاو ممن أضروا بأنفسهم أولاً وبناديهم ثانياً من خلال تصرفات لا تجر إلا للضرر.
والحق يُقال، إنّ الهلال استحق لقب زعيم آسيا، و"نادي القرن" من خلال بطولاته الست في مختلف المسابقات الآسيوية، وهو ما زال يفتش عن لقب آسيوي منذ العام 2000 وتمكن من الوصول لنصف النهائي ثلاث مرات وللنهائي مرة، وكان الأفضل سعودياً هذا العام في بطولة القارة، وحال الهلال من حال الكرة السعودية الغائبة عن المنصات الآسيوية سواءً على صعيد الأندية أو المنتخبات، وهنا يجب أن نفتش عن العوائق الحقيقية، لا أن نهرب إلى الأمام ولا نجد أمامنا إلا الحكام والاتحاد القاري.
رئيس تحرير مجلة "الحدث الرياضي"اللبنانية