|


سعيد غبريس
آخ يا منتخبنا
2015-09-11


في السبعينات انسحب عنوان مسرحية الفنان الكوميدي الراحل حسن علاء الدين (شوشو) «آخ يا بلدنا» على مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بلبنان جراء الحروب الإسرائيلية الغاشمة والحرب الأهلية، وكثيراً ما استخدمها الإعلاميون لوصف حال منتخب كرة القدم المتردية لتصبح: «آخ يا منتخبنا».
لكن كرة القدم نجحت أو كادت في وقف تجريع اللبنانيين كأس المرارة والألم، حين وصل المنتخب إلى المرحلة الحاسمة من تصفيات آسيا النهائية لكأس العالم الماضية هازماً المارد الكوري الجنوبي وملحقاً الخسارة بالمنتخبين الكويتي والإماراتي على أرضيهما، غير أن صرخة الألم أبت أن تفارق الشعب اللبناني في المتر الأخير وفي ربع الساعة الأخير، حيث كان المنتخب قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم والتأهل لكأس العالم للمرة الأولى، وهذه المرة لم تكن كرة القدم بحد ذاتها هي السبب، بل النفوس الضعيفة والفساد والرشى والتآمر على الوطن من أجل حفنة من الدولارات، إذ كشفت التحقيقات خيانة بعض اللاعبين، فعوقبوا بالتوقيف مدى الحياة، بعدما أعدموا كرة القدم في البلاد.
اليوم يعود منتخب لبنان إلى تصفيات آسيا والمونديال، ولكن الأمور اختلفت كثيراً، وإن بقيت «اللازمتان» منتخب الكويت ومنتخب كوريا الجنوبية في مجموعة لبنان، وإن بقي جميع المحترفين الذين صنعوا طفرة تصفيات 2013، مع ظهور بعض الجدد، ومع مدرب جديد المونتينيجري رادولوفيتش الذي خلف الإيطالي جيانيني، علماً بأن الألماني الشهير تيو بوكير ما زال في لبنان ولكن مع أحد الفرق المحلية، وهو بالطبع كان بطل التصفيات الماضية.
الوضع اختلف بالطبع، ففيما كان رضا عنتر ويوسف محمد وبعض المخضرمين الآخرين مثل عباس عطوي، العلامة الفارقة في منتخب 2013، كانوا السبب في إنقاص العلامة لمنتخب لبنان في جدول ترتيب المجموعة. وهم، خاصة عنتر ومحمد، سمحوا لمنتخب كوريا الجنوبية بفك عقدته مع منتخب لبنان على أرضه، محققاً الفوز الأول منذ 11 سنة، أي منذ 1993 حين فاز الكوري بصعوبة على اللبناني في ملعب برج حمود كأول منتخب يزور لبنان بعد رفع الحظر من جانب «فيفا»، ثم عجز المنتخب الكوري عن الفوز في تصفيات مونديال 2006 (1 ـ 1) ليخسر (1ـ2) في تصفيات مونديال 2014، ليعادله أخيراً في الدقيقة القاتلة في آخر جولة من الدور الحاسم.
«آخ يا منتخبنا» عادت بقوة في هذه التصفيات بخسارة مباراتين على ملعب صيدا البلدي أمام الكويت وكوريا الجنوبية وبالاكتفاء بفوز هزيل على لاوس (2ـ 0) الذي تلقى الخسارة بثمانية نظيفة من الكوري.
والثلاثية الكورية النظيفة في الشباك اللبنانية هي نتيجة طبيعية لمنتخب ليس فيه هجوم. إذ أن أربعة من المهاجمين في تشكيلة رادولوفيتش لم يلعبوا منذ ستة أشهر.. فاضطر لإشراك صانعيّ اللعب رضا عنتر وعباس عطوي في المقدمة، اللذين أقر المدرب بعد المباراة بأنه يجب تخفيض مدة مشاركتهما إلى 20 دقيقة فقط.. وهذا الوضع نتيجة طبيعية لعدم الوصول إلى المرمى الكوري أكثر من ثلاث مرات بدون جدوى بالطبع.
والخسارتان على أرض الوطن نتيجة طبيعية لمنتخب يضم 10 محترفين، يتواجد أكثر من نصفهم في أرض الملعب، ولا يلعبون المباراتين التجريبيتين (على الملعب ذاته) أمام فلسطين والعراق، ونتيجة طبيعية لمنتخب تعادل وخسر في هاتين المباراتين.
والحق يُقال إن صرخة «آخ يا منتخبنا» مدوية في لبنان برغم صرخات المتظاهرين من المجتمع المدني لما وصلت إليه حال البلد مع تراكم النفايات في الشوارع للشهر الثاني، ويزداد ألم هذه الصرخة حين نسمع المدرب يعترف بأن متوسط أعمار نصف لاعبيه 33 سنة، وأن بعض اللاعبين ارتكبوا أخطاءً طفولية، والأنكّى من ذلك أن المدرب يعوّل على انطلاق الدوري اللبناني ليتسنى له التغيير وتكوين جيل جديد.