|


سعيد غبريس
لعبة الأمم .. الكروية
2015-08-21
كما في السياسة لا توجد عداوات دائمة بل مصالح دائمة، كذلك هي الحال في الرياضة، خصوصاً إذا كانت في مجال كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وتحديداً في أكثر منظمة رياضية فاعلية وتأثيراً، الاتحاد الدولي لكرة القدم (111 عاماً).. حيث أصدقاء الأمس أعداء اليوم والعكس صحيح.. وإليكم بعض الأمثلة:
ـ ميشال بلاتيني اللاعب الفرنسي الدولي ورئيس الاتحاد الأوروبي منذ 2007، والذي هو حالياً أبرز المرشحين ليكون الرئيس التاسع لـ(فيفا)، كان في العام 1998 مستشاراً للرئيس المستقيل السويسري سب بلاتر، وبات اليوم أكبر معارضيه وأول من دعاه للاستقالة في خضم "حفلة" الفساد التي اجتاحت أروقة (فيفا) وأفضت إلى توقيفات قضائية طالت سبعة من كبار المسؤولين.
ـ الملياردير الكوري الجنوبي تشونج مونج جون نائب الرئيس السابق للفيفا، كان أبرز حليف لبلاتر، وهو دفع الثمن بخسارة مقعده الدولي أمام الأمير علي بن الحسين في 2011 وها هو اليوم يصف بلاتر بآكل لحوم البشر، وبأنه السبب الحقيقي في فساد (فيفا) حكم مدة 40 سنة، حتى أنّه وصف بلاتيني بأنه ملوّث بشكل قاتل بسبب علاقته السابقة ببلاتر، بل إنّه من نتاج بلاتر الفاسد.
ـ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وبشخص رئيسه البحريني الشيخ سلمان آل خليفة كان في الانتخابات الأخيرة الحصن المنيع لبلاتر بل المعقل الرئيسي، ها هو الآن يصف العدو الأول لبلاتر بأنّه مرشح فريد من نوعه، يتسم بالخبرة والحكمة ويمتلك رؤية طموحة.
ـ ونبقى في الاتحاد الآسيوي لنشير إلى مفارقة أخرى هي أنّ هذا الاتحاد القاري يقف مرة أخرى في غير صف أحد المرشحين الآسيويين (تشونج) وربما الأمير علي بن الحسين إذا تجرأ مرّة أخرى على الترشّح..
ـ وحتى الأمير الأردني الشاب الذي تلقى الدعم الكبير من بلاتيني في "معركته" أمام بلاتر في الأمس القريب، لم ينتظر ساعة واحدة بعد إعلان رئيس (الويفا) ترشّحه، ليقول أنّه ليس في صالح (فيفا)، غامزاً من قناة الفساد بقوله: إنه جزء من النظام وليس الشخص المناسب لإجراء إصلاحات.
الآن وقد طويت صفحة بلاتر، اختلطت الأوراق وتبدّلت بعض الأدوار، ومن الطبيعي أن يضعف تأثير الرئيس المبتورة ولايته الخامسة، فلا يستطيع تجيير الأصوات لهذا المرشح أو ذاك، بل إنّه لا يوجد مرشّح لمنصب الرئيس التاسع لم "يرجم" بلاتر، وقد يكون موقف قطب انتخابي آخر قد تعطّل من جراء اختلاط الأوراق، وهو الشيخ أحمد الفهد الصباح الذي لعب دوراً بارزاً في نجاح بلاتر في الانتخابات الأخيرة، وهو كما سلمان بن إبراهيم، لن يكون إلى جانب المرشّح الآسيوي الكوري الجنوبي تشونج جون، ولا حتى إلى جانب الأمير علي بن الحسين، فهو تحوّل من أكبر داعم له أمام الكوري الجنوبي على منصب نائب رئيس (فيفا)، إلى أول رافض لترشّحه للرئاسة، أضف إلى ذلك أنّ أحمد الفهد بات خارج دائرة المرشحين بمجرد أن أعلن صديقه القديم بلاتيني ترشّحه، علاوة على تعيينه عضواً في لجنة إصلاحات (فيفا).
والحق يُقال، إنّ بلاتر انتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم المضاد، ففي الوقت الذي نُشرت فيه وثيقة تنال من سمعة بلاتيني، اتهم رئيس (فيفا) رئيس (الويفا) بأنّه هدّده بالسجن إذا لم ينسحب من الانتخابات الأخيرة، كما ردّ بلاتر على هجوم تشونج القاسي مذكراً إياه بأنه نائباً للرئيس مدة 17 عاماً.
ويبدو أنّ الفساد مشكلة متجذرة يوصم بها (فيفا)، ليس بمقدور بلاتيني ولا غيره القضاء عليها، وجلّ ما يستطيع فعله الفرنسي أن يشكّل مرحلة انتقالية تحد من الفساد وتضع الأسس لمنظمة نظيفة.