المركز الرابع (الأخير) والهدف اليتيم للمنتخب السعودي في دورته الدولية الرباعية في الرياض في سبتمبر الماضي، أكملا سلسلة الانحدار في مستوى "الأخضر" الذي كانت محطته الرئيسية "ثمانية ألمانيا" في مونديال 2002، ثمّ خسارة نهائي آسيا أمام العراق في 2007 والخروج المر من كأس العالم في 2010، في الملحق الآسيوي أمام نظيره البحريني، بعد تأهل متتالٍ للمرة الرابعة، والخروج الأمرّ من أمم آسيا 2011 في قطر بثلاث خسارات، كلّفت استقالة الأمير سلطان بن فهد وإقالة المدرب البرتغالي بيسيرو وتعيين ناصر الجوهر بديلاً مؤقتاً، فالخروج الأكثر مرارة من خليجي 21 في المنامة من الدور الأول وبفوز يتيم على اليمن، وأخيراً الخروج الثاني على التوالي من تصفيات مونديال 2014 دون أن يصل حتى إلى الدور الحاسم، على أنّ العام 2012 كان الأسوأ بفشل المنتخب السعودي في ثلاث بطولات: تصفيات المونديال وكأس العرب وغرب آسيا، ليكون العام 2013 أكثر كارثية بالمركز الرابع في الدورة الرباعية الدولية حيث خسر أمام نيوزيلندا وترينيداد وتوباجو: وهذه الخسارة تكلّلت برعاية المدرب الإسباني لوبيز كارو الذي خلف المدرب الهولندي ريكارد، حيث بدا وكأنه أمين على طريقة كالديرون وريكارد في التجارب المتواصلة وعدم الاستقرار على تشكيلة، فقدّم المثل في الدورة الرباعية حيث لعب المباراة الثانية بتشكيلة مختلفة تماماً عن التشكيلة التي خاضت المباراة الأولى. التراجع السعودي ظهر جلياً في كأس الخليج، فمن نهائي خليجي 19 وخليجي 20 إلى الخروج من الدور الأول في خليجي 21، كذلك هي الحال في كأس أمم آسيا، حيث فازت السعودية بالكأس ثلاث مرات وبالوصافة ثلاث مرات أيضاً، ولكنها خرجت في آخر دورة من الدور الأول... غير أنه، بالإمكان القول إنّ المنتخب السعودي الحالي عاقد العزم على الخروج من هذا النفق، فهو يؤدي أداءً حسناً في تصفيات أمم آسيا 2015 في أستراليا، متجاوزاً كل المتغيرات الفنية والإدارية ليثبت أنه يبقى الفريق المؤثر في آسيا وكان ذلك جلياً بعرضه الممتاز أمام نظيره الصيني، ومن ثمّ الفوز الهام على نظيره العراقي وبهدفين خارج أرضه، ليصبح المنتخب الوحيد، إلى جانبه شقيقه الإماراتي، اللذين جمعا العلامة الكاملة في التصفيات، ولم تعد تفصل السعودية عن أستراليا سوى 4 نقاط من ثلاث مباريات، اثنتان منها على أرضه، وهو في وضع مريح جداً إذ يبتعد في الصدارة بفارق 4 نقاط عن الصين و3 عن العراق. الأمل معقود على شخصية المدرب لوبيز الذي بدا من خلال تعامله مع الإعلام، بأنه يعمل بما يقتنع به، ومن ذلك أنه واجه الحملة الإعلامية على قراره بعدم ضم حارس النصر عبدالله العنزي، على الرغم من أنه حافظ على شباكه نظيفة إلا من هدف واحد حتى المرحلة السادسة من دوري عبد اللطيف جميل، وعلى الرغم من أنه نال جائزة لاعب الشهر(سبتمبر) وكان تبريره منسجماً مع قناعاته، ذلك أنّ إعجابه بالعنزي لا يلزمه ضمّه إلى التشكيلة. الآن، وبوجود رئيس منتخب لاتحاد الكرة، وكون أحمد عيد لاعباً دولياً سابقاً، وبوجود مدرب لا يتأثر إلا بقناعاته، وبتوافر عناصر سعودية مؤثرة من الفريق السابق إلى جانب عناصر جديدة شابة، يمكننا القول إنّ المنتخب السعودي سائر في طريق العودة كرقم صعب في آسيا وفي الخليج. وأعتقد أنّ القناعة المقابلة من اتحاد الكرة بضرورة إعطاء المدرب الفرصة الكاملة، وأبرز دليل على ذلك عدم التلميح من قريب أو بعيد بإقالة لوبيز، بعد النتيجة المزرية في الدورة الرباعية، سيكون عاملاً متمماً للعوامل الأخرى التي تصب في صلب النظرة التفاؤلية.